6 - قال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ منه أن قطع القراءة لعارض السعال ونحوه أولى من التمادي في القراءة مع السعال والتنحنح، ولو استلزم تخفيف القراءة فيما استحب فيه تطويلها.
7 - يؤخذ من رواية جبير بن مطعم [الرواية الثالثة عشرة من الباب السابق] صحة أداء ما تحمله الراوي في حال الكفر، وكذا في الفسق إذا أداه في حال العدالة، لأن جبيرا تحمل الحديث وهو مشرك وأداه وهو عدل.
8 - استدل بالرواية الثانية عشرة والثالثة عشرة على استحباب القراءة في المغرب بالسور الطوال كالطور والمرسلات، وقال الترمذي: نقل عن مالك أنه كره أن يقرأ في المغرب بالطوال نحو الطور والمرسلات. وقال الشافعي: لا أكره ذلك. بل أستحب. وكذا نقله البغوي في شرح السنة عن الشافعي والمعروف عند الشافعية أنه لا كراهة في ذلك ولا استحباب، وأما مالك فاعتمد العمل بالمدينة لا بغيرها. قال ابن دقيق العيد: استمر العمل في تطويل القراءة في الصبح وتقصيرها في المغرب. قال الحافظ ابن حجر: والحق عندنا أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وثبتت مواظبته عليه فهو مستحب، وما لا تثبت مواظبته عليه فلا كراهة فيه. اهـ وقال ابن خزيمة في صحيحه: وهذا من الاختلاف المباح، فجائز للمصلي أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب، إلا أنه إذا كان إماما استحب له أن يخفف في القراءة، اهـ. وقال القرطبي: ما ورد في مسلم وغيره من تطويل القراءة فيما استقر عليه التقصير أو عكسه فهو متروك اهـ
والذي تستريح إليه النفس أن المستحب في المغرب قراءة قصار المفصل، وهو من {لم يكن} إلى آخر القرآن، قال العيني: وهو مذهب الثوري والنخعي وعبد الله بن المبارك وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وأحمد ومالك وإسحق، وقد روى الطحاوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالتين والزيتون وروي بسند صحيح عن ابن عمر "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} وروى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب آخر المفصل، وفي الأثر أن ابن عباس كان يقرأ في المغرب {إذا جاء نصر الله والفتح} وأن عمران بن حصين كان يقرأ في المغرب {إذا زلزلت} {والعاديات} وهذه الآثار وإن كان في بعضها ضعف تركن إليها النفس والله أعلم.
9 - ويؤخذ من حديث معاذ [الرواية الرابعة والخامسة] جواز صلاة المفترض خلف المنتفل، لأن معاذا كان يصلي الفريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسقط فرضه، ثم يصلي مرة ثانية بقومه، هي له تطوع ولهم فريضة، وقد جاء هكذا مصرحا به في غير مسلم، وهذا جائز عند الشافعي رحمه الله وآخرين، ولم يجزه ربيعة ومالك وأبو حنيفة رضي الله عنهم والكوفيون، وتأولوا حديث معاذ رضي الله عنه على أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم تنفلا، ومنهم من تأوله على أنه لم يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم [وهذا مستبعد فإن الرواية الرابعة تفيد علمه صلى الله عليه وسلم من الشاكي ولم ينكر عليه ذلك] ومنهم من قال: حديث معاذ كان أول الأمر، ثم نسخ.
قال النووي: وكل هذه التأويلات دعاوى لا أصل لها، فلا يترك ظاهر الحديث بها.