854 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.
855 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يأتي مسجد قومه فيصلي بهم.
-[المعنى العام]-
مما لا خلاف في استحبابه قراءة سورة من القرآن بعد الفاتحة في الأوليين من كل صلاة، جهرًا في الصلاة الجهرية، وسرًا في الصلاة السرية، والخلاف في مقدار ما يقرأ، وأي السور أفضل في كل الصلوات، ولو تتبعنا قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم لوجدناها تختلف اختلافًا بينًا، ففي الظهر قرأ بالسماء ذات البروج وبالسماء والطارق، وبالليل إذا يغشى، وبسورة لقمان وبالذاريات في ركعتين، فتراوحت قراءته في ركعة الظهر بين أربع وثلاثين آية وبين سبع عشرة آية، وفي العصر دون ذلك، وفي المغرب قرأ بسورة المرسلات، وبسورة الطور، وبقصار المفصل، وفي العشاء قرأ بسورة التين وأمر معاذا أن يقرأ بالشمس وضحاها، وبالضحى والليل إذا سجى، وبسورة الليل إذا يغشى، وبسورة اقرأ، وفي الفجر قرأ بسورة المؤمنين في ركعتين وبالتكوير في ركعة وبسورة ق وبسورة إذا زلزلت الأرض وبسورة السجدة وبسورة الدهر.
ولا شك أن هذا الاختلاف دليل جواز الكل، والكلام فيما هو أفضل، ولا شك أن المصلي المنفرد ومن يؤم قوما محصورين راضين بالتطويل له أن يقرأ بما شاء بشرط أن لا يؤدي طول القراءة إلى ضياع وقت الصلاة.
أما الذي يؤم قوما غير محصورين، أو يؤم من لا يرضى بالتطويل فواجبه التخفيف من القراءة بالقدر الذي لا يتألم منه مأموم، فإن الإسلام حريص على عدم التنفير من صلاة الجماعة، فهي مهما قلت القراءة فيها أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة.
ولا يظن الإمام الذي يتعب المأمومين بقراءته أنه بذلك يتقرب إلى الله، بل إنه يخالف سنة الرسول الكريم الذي كان يدخل الصلاة ينوي تطويلها بصحابته رجالا ونساء فيسمع بكاء الطفل فيخفف القراءة إشفاقًا على أمه التي ستشغل عليه وتتألم لبكائه.
إن معاذ بن جبل كان يؤم قومه فحرص على أن ينال من فضل القراءة ما يطيل منها، فاستفتح