815 - عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار بمكة. فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {ولا تجهر بصلاتك} فيسمع المشركون قراءتك {ولا تخافت بها} عن أصحابك. أسمعهم القرآن. ولا تجهر ذلك الجهر {وابتغ بين ذلك سبيلاً}. يقول بين الجهر والمخافتة.
816 - عن عائشة رضي الله عنها في قوله عز وجل {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قالت أنزل هذا في الدعاء.
-[المعنى العام]-
الصلاة مناجاة بين العبد وربه، وقد يستطيب المناجي خفض الصوت لأن الله سميع بصير، يعلم السر وأخفى، وقد يتلذذ بإسماع إذنيه ورفع صوته وتعليم من حوله، ونشر الدعوة ليستفيد من الأجر بما فوق السر، ومن هنا كانت الصلاة جامعة بين الجهر والسر، الجهر في الفجر وفي الأوليين من المغرب والعشاء والسر في الظهر والعصر وثالثة المغرب والأخيرتين من العشاء.
لقد كان صلى الله عليه وسلم في أول الدعوة يحرص على إسماع القرآن للكافرين لعل الله يهديهم به إلى الإسلام، لكن طغاة المشركين كانوا يعاندون فيسبون القرآن ويسبون من أنزل القرآن، ومن أنزل عليه القرآن، فأمر صلى الله عليه وسلم أن يخفض من صوته في قراءته وصلاته بحيث يسمع أصحابه ولا يستفز الكافرين، بل عليه أن يكون بين الجهر والإسرار، فلا يسر الإسرار الذي يحجب القرآن عن المؤمنين، ولا يجهر الجهر الذي يغيظ الكافرين، حيث كان المسلمون ضعافاً عاجزين عن مواجهة الكافرين.