-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الحديث]-
1 - قال النووي: في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها، وينقلوها ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس، كمجالس العلم والقضاء، والذكر والمشاورة ومواقف القتال وإمامة الصلاة والتدريس والإفتاء وإسماع الحديث ونحوها؛ ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسنن والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك. اهـ
2 - وفيه اعتناء الإمام بتسوية الصفوف بالفعل والحث عليها بالقول.
3 - وفيه مشروعية تسوية الصفوف، وقد استدل ابن حزم بقوله: "فإن تسوية الصف من تمام الصلاة" ومن رواية "فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة" على أن التسوية واجبة، لأن تمام الشيء يتوقف على ما لا تتم الحقيقة إلا به.
والجمهور على أن تسوية الصفوف من السنة، اعتمادا على رواية البخاري "فإن إقامة الصف من حسن الصلاة" قال ابن بطال: لأن حسن الشيء زيادة على تمامه، وهي سنة عند أبي حنيفة والشافعي ومالك.
4 - استدل بالوعيد في الحديث على إثم من لم يتم الصفوف، لأن مثل هذا الوعيد يستلزم التأثيم، والتأثيم لا يقع على ترك السنة، وأما قول ابن بطال: إن تسوية الصفوف لما كانت من السنن المندوب إليها التي يستحق فاعلها المدح عليها دل على أن تاركها يستحق الذم، فهذا القول تعقبه الحافظ ابن حجر من جهة أنه لا يلزم من ذم تارك السنة أن يكون آثما. اهـ.
ويمكن أن يؤخذ وجوب التسوية من صيغة الأمر "سووا صفوفكم" "أتموا الصفوف" ومن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" ومن الوعيد على تركه.
لكن الجمهور يرى أن هذا الوعيد من باب التغليظ والتشديد تأكيدا وتحريضا على فعلها، ومع القول بأن التسوية واجبة فصلاة من خالف ولم يسو صحيحة، وأفرط ابن حزم فجزم بالبطلان.
5 - يؤخذ من قوله "فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال ... إلخ" جواز الكلام بين الإقامة والدخول في الصلاة، قال النووي: وهذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء، ومنعه بعض العلماء والصواب الجواز سواء كان الكلام لمصلحة الصلاة أو لغيرها أو لا لمصلحة.
6 - وفي الحديث فضيلة الأذان والمؤذن.