مَشَايِخِنَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالتَّحْقِيقِ ; لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِجَازَتِهِ إِيَّاهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ بِكِتَابٍ (الْمُوَطَّأِ) وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ ; إِذِ الْمَقْصُودُ تَعْيِينُ مَا أَجَازَ لَهُ [انْتَهَى، فَهِيَ مُتَقَاعِدَةٌ عَمَّا سَبَقَ، وَالْخِلَافُ فِيهَا أَقْوَى ; لِعَدَمِ احْتِوَاءِ الطَّالِبِ عَلَى الْمَرْوِيِّ الَّذِي تَحَمَّلَهُ وَغَيْبَتِهِ عَنْهُ] (لَكِنْ مَازَهْ) أَيْ: جَعَلَ لَهُ مَزِيَّةً مُعْتَبَرَةً عَلَى ذَلِكَ (أَهْلُ الْحَدِيثِ) ، أَوْ مَنْ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ (آخِرًا وَقِدْمَا) ، وَسَبَقَ ابْنَ الصَّلَاحِ لِذَلِكَ عِيَاضٌ، وَعِبَارَتُهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ: لَكِنْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا شُيُوخُنَا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَرَوْنَ لِهَذَا مَزِيَّةً عَلَى الْإِجَازَةِ، يَعْنِي: فَإِنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّحَمُّلِ كَيْفَ مَا كَانَ لَا تَصِحُّ الرِّوَايَةُ بِهِ إِلَّا مِنَ الْأَصْلِ أَوِ الْمُقَابَلِ بِهِ مُقَابَلَةً يُوثَقُ بِمِثْلِهَا، وَرُبَّمَا يَسْتَفِيدُ بِهَا مَعْرِفَةً الْمُنَاوِلُ، فَيَرْوِي مِنْهُ أَوْ مِنْ فَرْعِهِ بَعْدُ. بَلْ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّهُ فِي الْكِتَابِ الْمَشْهُورِ ; كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، كَصُورَةِ التَّمْلِيكِ أَوِ الْإِعَارَةِ - انْتَهَى.

إِذَا عُلِمَ هَذَا فَقَدْ قَالَ السُّهَيْلِيُّ: جَعَلَ النَّاسُ الْمُنَاوَلَةَ الْيَوْمَ أَنْ يَأْتِيَ الطَّالِبُ الشَّيْخَ فَيَقُولَ: نَاوِلْنِي كِتَابَكَ، فَيُنَاوِلُهُ، ثُمَّ يُمْسِكُهُ سَاعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الطَّالِبُ فَيَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ مُنَاوَلَةً، وَهَذِهِ رِوَايَةٌ لَا تَصِحُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَتَّى يَذْهَبَ بِالْكِتَابِ مَعَهُ، وَقَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ بِمَا فِيهِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِاقْتِرَانِهِ بِالْإِجَازَةِ، فَيَكُونُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، أَوْ [تَجَرُّدِهِ عَنْهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، فَيَكُونُ مِنْ ثَانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015