مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْعُلُوِّ (وَأَعْلَاهَا إِذَا أَعْطَاهُ) أَيْ: أَعْطَى الشَّيْخُ الطَّالِبَ عَلَى وَجْهِ الْمُنَاوَلَةِ تَصْنِيفًا لَهُ، أَوْ أَصْلًا مِنْ سَمَاعِهِ، وَكَذَا مِنْ مُجَازِهِ، أَوْ فَرْعًا مُقَابَلًا بِالْأَصْلِ (مِلْكًا) أَيْ: عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ لَهُ بِالْهِبَةِ، أَوْ بِالْبَيْعِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، قَائِلًا لَهُ: هَذَا مِنْ تَصْنِيفِي، أَوْ نَظْمِي، أَوْ سَمَاعِي، أَوْ رِوَايَتِي عَنْ فُلَانٍ، أَوْ عَنِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهِ، فَارْوِهِ أَوْ حَدِّثْ بِهِ عَنِّي، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ بِمَعْنَى الْإِجَازَةِ، فَضْلًا عَنْ لَفْظِهَا كَأَجَزْتُكَ بِهِ، بَلْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ شَيْخِهِ وَاكْتَفَى بِكَوْنِهِ مُبَيَّنًا فِي الْكِتَابِ الْمُنَاوَلِ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبَّادٍ الزُّبَيْرِيُّ: طَلَبْتُ مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَحَادِيثَ أَبِيهِ، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ دَفْتَرًا، فَقَالَ لِي: هَذِهِ أَحَادِيثُ أَبِي قَدْ صَحَّحْتُهُ وَعَرَفْتُ مَا فِيهِ فَخُذْهُ عَنِّي، وَلَا تَقُلْ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ حَتَّى أَعْرِضَهُ، وَلَمْ يُصَرِّحِ ابْنُ الصَّلَاحِ بِكَوْنِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْلَى، وَلَكِنَّهُ قَدَّمَهَا فِي الذِّكْرِ كَمَا فَعَلَ عِيَاضٌ، وَهُوَ مِنْهُمَا مُشْعِرٌ بِذَلِكَ.
(فَ) يَلِيهَا مَا يُنَاوِلُهُ الشَّيْخُ لَهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَيْضًا (إِعَارَةً) أَيْ: عَلَى جِهَةِ الْإِعَارَةِ، أَوْ إِجَارَةً وَنَحْوَهَا، فَيَقُولُ لَهُ: خُذْهُ، وَهُوَ رِوَايَتِي عَلَى الْحُكْمِ الْمَشْرُوحِ أَوَّلًا فَانْتَسِخْهُ، ثُمَّ قَابِلْ بِهِ، أَوْ قَابِلْ بِهِ نُسْخَتَكَ الَّتِي انْتَسَخْتَهَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ رُدَّهُ إِلَيَّ. وَهَلْ تَكْفِي الْإِشَارَةُ إِلَى نُسْخَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ أَمْرِ بَعْضِ مَنْ حَضَرَ بِالْإِعْطَاءِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّازِيُّ فِي الْإِشَارَةِ غَيْرِ الْمُقْتَرِنَةِ بِالْإِجَازَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّانِي، بَلْ قَالَ الْخَطِيبُ: إِنَّهُ لَوْ أَدْخَلَهُ خِزَانَةَ كُتُبِهِ وَقَالَ: ارْوِ جَمِيعَ هَذِهِ عَنِّي ; فَإِنَّهَا سَمَاعَاتِي مِنَ الشُّيُوخِ الْمَكْتُوبَةِ عَنْهُمْ، كَانَ بِمَثَابَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصِّحَّةِ ;