وصف الرسالة التي هي أعلا المراتب عن بعضهم لأنه وإن فسر هذا التفريق بالإيمان ببعضهم والكفر ببعض فإن الخطاب محتمل لهذا وذاك إذ كلا الأمرين تفريق بينهم والقرآن يوجب على المؤمنين أن يؤمنوا بجميع الأنبياء بدون تفريق.

فجوابه: من وجوه أحدها أن يقال: إن القول بوجوب تنزيه الأنبياء عن التفريق بين الرسول منهم والنبي قول أحدثه ابن محمود لم يسبقه إليه أحد ولا قال أحد قبله أن التفريق بين الرسول والنبي من الإيمان ببعض الأنبياء والكفر ببعضهم.

وقد قيل:

وكل خير في اتباع من سلف

وكل شر في ابتداع من خلف

الوجه الثاني: أن يقال: إن الله تعالى قد فرق بين الرسول والنبي في كتابه وفرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث تقدم ذكرها، وفي هذا أبلغ رد على من زعم أن التفريق بين الرسول والنبي لا يجوز وإنه يجب تنزيه الأنبياء عنه.

الوجه الثالث: إذا علم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فرق بين الرسول والنبي فهل يقول ابن محمود: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد فرق بين الأنبياء وأنه قال قولا يجب تنزيه الأنبياء عنه، أم ماذا يجيب به عن قوله الذي لم يتثبت فيه؟

الوجه الرابع: قد ذكرت فيما تقدم قول ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد في التفريق بين الرسول والنبي وذكرت أيضا أقوال كثير من المفسرين وغيرهم من أكابر العلماء في ذلك وهم الذين كانوا في أول القرن الثامن فما قبله، وتركت ما قاله كثير من المتأخرين في ذلك فلم أذكره وهم الذين كانوا في آخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015