فجوابه: أن يقال: إن جميع ما يفعله العباد من خير أو شبر وما يعملونه من أعمال صالحة أو سيئة فكل ذلك قد سبق به القضاء والقدر وكتب في اللوح المحفوظ وكتبه أيضا الملك الذي يرسله الله إلى الجنين وهو في بطن أمه، فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وكل ميسر لما خلق له من سعادة أو شقاوة. ومن زعم أن العباد يعملون على أمر مبتدأ لم يسبق به القضاء والقدر ولم يكتب في اللوح المحفوظ ولم يكتبه الملك الموكل بالجنين فهو من القدرية الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة.
وأما قوله فمعنى سبق الكتاب إشارة إلى سبق علم الله بخاتمة حياة كل إنسان.
فجوابه: من وجهين أحدهما أن يقال: أما قوله: إن سبق الكتاب إشارة إلى سبق علم الله بخاتمة حياة كل إنسان فهو خطأ ظاهر لما يلزم عليه من إلغاء النص الصريح في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن الله تبارك وتعالى يرسل الملك إلى الجنين فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، وإلغاء ما جاء في حديث حذيفة ابن أسيد رضي الله عنه أن الملك يقول: يا رب أشقي أو سعيد؟ فيكتبان فيقول: أي رب أذكر أو أنثى؟ فيكتبان ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص وفي رواية ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص، ففي هذا الحديث الصحيح النص على الكتابة وعلى الصحف التي يكتب الملك فيها ما يقضي الله في الجنين وأنها تطوى ويخرج الملك بها في يده.
وعلى قول ابن محمود تكون كتابة الملك والصحف التي يكتب فيها ثم يطويها ويخرج بها في يده اسما لا مسمى له ولفظا لا معنى له، وأن تكون النصوص على الكتابة والصحف