توجيه ترتيب العبادات في حديث معاذ

في الحديث لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم الصوم ولا الحج مع أنها من أركان الإسلام، فيغني عنه حديث: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً).

الحديث ذكر أشياء هامة والباقي يأتي بالتبع، فعلى ذلك لم يذكر له الصيام أو الحج، فإذا جاء وقت الصيام سيذكر لهم معاذ الصيام الذي عليهم، فإذا قبلوا هذه الأشياء وهي الأهم الصلاة -عبادة بدنية- والزكاة -عبادة مالية- فإن غيرها أسهل في القبول، فعلى ذلك لم يذكرها في هذا الحديث اكتفاء بما ذكر صلى الله عليه وسلم، وعندما يحين الوقت فسوف يأمرهم معاذ بأمر الله عز وجل في ذلك.

يقول شيخ الإسلام: إن العلماء أجابوا عن ذلك بجوابين: الأول: أن ذلك بحسب نزول الفرائض، وأول ما فرض الله الشهادتين ثم الصلاة.

يعني: كما أن الله سبحانه تبارك وتعالى تدرج مع المسلمين فبدأ بالتوحيد وعلمهم العقائد، ثم أمرهم بالصلاة، وفي العام الثاني من الهجرة النبي صلى الله عليه وسلم فرض عليهم الصيام والزكاة فعلى ذلك بدأ بالفرائض بحسب نزولها.

هذا قول.

الثاني: أنه كان يذكر في كل مقام ما يناسبه، وهذا صحيح؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له ما يناسب المقام، فهو ذاهب إليهم ليدعوهم إلى الدين كله، وهو من أعلم الناس بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم المسلمين بالحلال والحرام، كما قال: (أعلمكم بالحلال والحرام معاذ)، فأرسل معاذاً ليعلمهم مما علمه الله عز وجل، ولكن بين له أهم الأشياء الواجبة لله تبارك وتعالى وهي إفراده بالعبادة، ثم الواجب البدني وأهمه الصلاة، ثم الواجب المالي وهو دفع الزكاة، وغير ذلك فهو إما عبادة بدنية وإما عبادة مالية أو بدنية ومالية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015