بعد أن تعلم المسلم التوحيد يدعو إلى هذا الذي تعلمه، لذلك قال المؤلف رحمه الله: (الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وقول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108])، أي: قل يا محمد للناس هذه سبيلي، أي: طريقي الطريق المستوي الذي فيه أدعو إلى الله على بصيرة.
يقول ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: قل: يا محمد هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها: من الدعاء إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته هذه سبيلي.
فسبيل الله هي التي فيها طاعة الله، وتوحيده سبحانه، والبعد عن معاصيه، قال الله سبحانه على لسان نبيه: {أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ} [يوسف:108] أي: إلى هذه السبيل الذي هو الدعوة إلى الله وحده لا شريك له.
وقوله تعالى: {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108]، هنا تحتمل معنيين: المعنى الأول: {أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ} [يوسف:108]، {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108] أي: أنا وأتباعي على بصيرة، وهو معنىً صحيح.
والمعنى الثاني: {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108]، فهو داع إلى الله عز وجل، وأتباعه أيضاً يدعون إلى الله سبحانه.
فكل من دعا إلى الله وإلى توحيده وإلى سلوك سبيله سبحانه فإمامه النبي صلى الله عليه وسلم، وشرطه أن يكون على بصيرة، إذاً: لا يجوز لإنسان ليس على بصيرة أن يدعو إلى الله، والبصيرة: العلم الشرعي وتعلم التوحيد.
قال: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108]، أي: منزهاً الله سبحانه وتعالى، ومعظماً له؛ أن يكون له شريك في ملكه، أو معبود سواه سبحانه وأنا بريء من أهل الشرك.