الصفة الثالثة في هذه الآية: أن إبراهيم عليه الصلاة السلام كان حنيفاً، والحنف: الميل، والمقصود أنه كان مائلاً عن الباطل؛ لأن كل الأديان عند مبعث إبراهيم عليه الصلاة والسلام كانت باطلة فحنف عنها، أي: مال عن جميعها إلى شرع الله سبحانه تبارك وتعالى.
فكان إبراهيم حنيفاً مسلماً عليه الصلاة والسلام؛ لأنه مال عن الباطل واستقام على الحق، ثم صارت هذه الكلمة عرفاً على الاستقامة على الدين، فكان معناها: أنه مستقيم على دين رب العالمين سبحانه، قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل:120]، يزكيه الله سبحانه أنه ما كان من المشركين وحاشا له صلوات الله وسلامه عليه، فلم يكن يشرك شركاً أكبر حاشاه، ولا شركاً أصغر، ولا شركاً خفياً.