من ابتلاء الله لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ابتلاءه له في زوجته سارة، إذ بينما هو يسير بها في أرض مصر، فإذا بالناس يذكرون لجبار من الجبابرة من ملوك مصر: أن رجلاً جاء إلى هذه البلاد معه امرأة من أجمل النساء، فإذا بالملك يأتي بإبراهيم ويسأله: من هذه التي معك؟ فحار إبراهيم في الجواب، إذ لو قال: زوجتي سيقتله ويأخذها، فإذا به يقول: أختي، يريد أنها أخته في الإسلام.
فيأخذها الجبار من إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وإبراهيم لا حيلة له، وكيف سيدفع عن زوجته وهذا الجبار ملك من الملوك، فأدرك أن ليس له إلا أن يجأر إلى الله، ويتضرع إليه.
وبعد أن أخذ هذا الجبار سارة أراد أن يدنوا منها، فتمتمت بكلمات تناجي ربها سبحانه، فإذا به يخر صريعاً، ويقول لها: ادعي الله لي ولا أوذيك، فتدعو الله فيكشف عنه ما به، فيدنو مرة ثانيه، فتدعو عليه فيصرع كما صرع بالمرة الأولى، وهكذا في الثالثة فينصرف عنها ويقول: إنما جئتموني بشيطانة، ما أتيتوني بإنسية، ثم يهديها هاجر وترجع إلى إبراهيم وهو قائم في صلاته منذ أن خرجت من عنده، فيسألها: ما فعلت مع هذا الرجل؟ فتقول: إن الله عز وجل نصرنا عليه، وأهدى لنا هاجر، فوهبتها لإبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وهكذا كانت حياة إبراهيم عليه الصلاة والسلام كلها بلاء، وما ذكر لنا منها قليل، وما أخفي عنا أشياء كثيرة، الله أعلم بها.
وبذلك استحق إبراهيم عليه السلام أن يصل إلى درجة كمال العبادة لربه سبحانه فيكون أمة عليه الصلاة والسلام.