وابن القيم رحمه الله يبين كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الآية، يقول: فإن الظلم المطلق التام هو الشرك بالله سبحانه، والأمن والهدى المطلق هما الأمن في الدنيا والآخرة، والهدى إلى الصراط المستقيم، فالظلم المطلق التام رافع للأمن والاهتداء المطلق التام، فلا يمنع أن يكون ظلماً مانعاً من مطلق الأمن ومطلق الهدى فتأمله.
والفرق بين أن نقول: هذا معه الإيمان المطلق، وهذا معه مطلق الإيمان: أن الإيمان المطلق: الإيمان الكامل، الذي جاء فيه بالواجبات جميعها، فإذا كان كذلك فله الأمن التام، وله الاهتداء التام يوم القيامة.
وأما الآخر فله مطلق الإيمان، يعني: هو من ضمن المسلمين، ومن ضمن المؤمنين، ولكنه يقع في معاصٍ فيعمه اسم الإيمان واسم الإسلام، ولكنه عاص لله سبحانه وتعالى، فلا يحرمه الله من فضله يوم القيامة، وإن كان قد يعذبه في النار على معاصيه التي وقع فيها، لكن لم يخرج من الإيمان، ولا من الإسلام.
فإذا قلنا: هو في دائرة الإسلام، فله النجاة يوم القيامة، ولو دخل النار، فالله عز وجل يوماً من الدهر يخرجه من النار ويدخله جنته، فدائرة الإيمان المطلق أقل، فيها المحسنون وفيها الذين لم يظلموا أنفسهم لا بشرك ولا بغيره، ولم يظلموا غيرهم، فلهم الأمن التام يوم القيامة ولهم الاهتداء التام في الدنيا وفي الآخرة.
أما الذي لم يقع في الشرك الأكبر، ووقع في غير ذلك من المعاصي فهو في مطلق الإيمان، ولم يخرج عن دين رب العالمين، ولكنه مقصر في واجبات الإيمان؛ لذلك استحق أن يعذب إلا أن يعفو الله عز وجل عنه يوم القيامة.
والإيمان المطلق وصف للإيمان وفيه كل الخصال المرجوة التي يطلبها الله عز وجل من عباده، ويرجو العبد أن يكون عليها.
ومطلق الإيمان أن يقول: لا إله إلا الله، ويصلي ويفعل الطاعات، ويفعل المعاصي فهو داخل في مطلق الإيمان، ولكنه ينقص هداه وينقص إيمانه بقدر ما يقع فيه من المعاصي.