قوله: (لعن الله من غير منار الأرض)، في رواية: (ملعون من غير تخوم الأرض)، وهذه الرواية في مسند الإمام أحمد قالوا: أي: معالم وعلامات وحدود الأرض، وواحدها تخم، وتجمع على تخوم.
وقال بعض أهل العلم: المقصود بها هنا حدود الحرم، فمكة حرم، والمزدلفة حرم، ومنى حرم، فالذي يغير حدود الحرم ويدخل فيه شيئاً من الحل، أو يكون حلاً ويحكم عليه بأنه حرم، فهذا أيضاً ملعون على قول من الأقوال، فهو داخل تحت قوله: (من غير منار الأرض)، فكل مكان في الأرض فيه حدود وعلامات فمن غيّره فهو داخل تحته، فقيل: هو عام في جميع الأرض، وأراد المعالم التي يهتدى بها في الطريق، وقيل: هو أن يدخل الرجل في ملك غيره فيقتطع منه.
مثل: إنسان عنده أرض بجانب أرض الجار، فيغير ويزحزح العلامة من أجل أن تكبر أرضه على حساب الجار، فتقديمها وتأخيرها هذا من التغيير.
وجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من ظلم شبراً من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أراضين)، (طوقه) أي: يجعل هذه الأرض التي اغتصب منها شبراً أو سرق منها شبراً في عنقه طوقاً، والله على كل شيء قدير، ففي يوم القيامة يضخم هذا الإنسان حتى يسعه ذلك أن يكون طوقاً في رقبته، فعليه أن يحمل ذلك في عنقه!! لذلك على الإنسان أن يتفكر في ذلك قبل أن يأخذ حق الغير، فماذا سيعمل مع ربنا يوم القيامة؟! فهذا لا يحمل يوم القيامة مثل الذي أخذ من أرض واحدة، بل يحمل كما أخذ من سبع أراضين، أي: بعمق سبع أراضين، وإذا كان أخذ بعيراً، أو فرساً، أو شاة، فكل هذا يأتي يوم القيامة وهو يحمله على ظهره، وإن كان صامتاً من ذهب أو فضة فإنه يحمله على عنقه يوم القيامة، ثم ينادي: يا رسول الله! أغثني، فيقول: (لا أملك لك من الله شيئاً، قد بلغتك قد بلغتك).