خطأ المجتهد

على العموم: كل من أحل حراماً أو حرم حلالاً له قسمة، وهذا قسم من الأقسام، أي: من أوصله اجتهاده إلى أن هذا حلال، أو أن هذا حرام، كقياس مثلاً، أي: قاس شيئاً على شيء فأخطأ في قياسه، وظن أن هذا حلال أو أن هذا حرام، ليس عناداً لله سبحانه، ولا تطاولاً على دينه، ولا اعتقاداً أنه يملك التشريع والتحليل والتحريم، فهذا كما يقول شيخ الإسلام في هذا القسم: (إن كان مجتهداً قصده اتباع الرسل، لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر، وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه.

فعلى ذلك: إذا كان من أهل الاجتهاد فهو مأجور أجراً واحداً على اجتهاده، وإذا لم يكن من أهل الاجتهاد فهو آثم في ذلك.

أما الصورة الأولى: أي: الذي أحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله، لا يُظَنُّ أبداً أن هذا له أجر، كأن يقول: هذا حلال، هذا حرام، ولكن الذي يقيس كأن يقول: أحل الله لنا ما في الأرض جميعاً وحرم علينا أشياء، فجاء بشيء يشبه القمح، وقال: هذا حرام، قياساً على شيء من المحرمات مثلاً، فهذا ليس من الأول، أما أنه يأتي على ما أحل الله وأكله النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: هذا حرام، فهذا كفر بالله سبحانه؛ لأنه يحرم ما أحل الله سبحانه وتعالى، لكن قد يقيس شيئاً ليعرف هل هذا من باب الحلال أم من باب الحرام فأخطأ وقاس على الحرام فحرم شيئاً، فعلى ذلك إذا كان هذا مجتهداً فله أجر على اجتهاده، أما أن يحرم ما هو منصوص على حله في الكتاب أو في السنة أو في الإجماع فليس من حق أي إنسان أن يصنع ذلك، ولا يدخل تحت هذا الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015