معها التوحيد أو ينقص1، وكذا كثير في السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم كقوله: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله " 2وتقدم. وقوله: " إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله عز وجل " 3ونحو ذلك. ونهى عن التمادح وشدد القول فيه، كقوله لمن مدح إنسانا: " ويلك قطعت عنق صاحبك " 4 الحديث. أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه: " أن رجلا أثنى على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: قطعت عنق صاحبك - ثلاثا " 5 وقال: " إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب " 6 أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجه عن المقداد بن الأسود.

وفي هذا الحديث: "نهى عن أن يقولوا: أنت سيدنا. وقال: السيد الله -تبارك وتعالى-". ونهاهم أن يقولوا: "وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا" وقال: " لا يستجرينكم الشيطان ".

وكذلك قوله في حديث أنس: " أن ناسا قالوا: يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا " إلخ. كره صلى الله عليه وسلم أن يواجهوه بالمدح فيفضي بهم إلى الغلو. وأخبر صلى الله عليه وسلم أن مواجهة

وسيدنا وابن سيدنا. فقال: يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله7، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل ". رواه النسائي بسند جيد.

فيه مسائل:

الأولى: تحذير الناس من الغلو.

الثانية:: ما ينبغي أن يقول مَنْ قيل له: أنت سيدنا.

المادح للممدوح بمدحه- ولو بما هو فيه- من عمل الشيطان؛ لما تفضي محبة المدح إليه من تعاظم الممدوح في نفسه، وذلك ينافي كمال التوحيد؛ فإن العبادة لا تقوم إلا بقطب رحاها الذي لا تدور إلا عليه، وذلك غاية الذل في غاية المحبة، وكمال الذل يقتضي الخضوع والخشية والاستكانة لله تعالى، وأن لا يرى نفسه إلا في مقام الذم لها والمعاتبة لها في حق ربه، وكذلك الحب لا تحصل غايته إلا إذا كان يحب ما يحبه الله، ويكره ما يكرهه الله من الأقوال والأعمال والإرادات، ومحبة المدح من العبد لنفسه تخالف ما يحبه الله منه، والمادح يغره من نفسه فيكون آثما، فمقام العبودية يقتضي كراهة المدح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015