المعنى بقوله في الحديث: " إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره ". كما قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 1.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: " اليقين يتضمن اليقين في القيام بأمر الله وما وعد الله أهل طاعته، ويتضمن اليقين بقدر الله وخلقه وتدبيره، فإذا أرضيتهم بسخط الله لم تكن موقنا لا بوعده ولا برزقه؛ فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما ميل إلى ما في أيديهم، فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم، وإما ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة. فإنك إذا أرضيت الله نصرك ورزقك وكفاك مئونتهم. وإرضاؤهم بما يسخطه إنما يكون خوفا منهم ورجاء لهم، وذلك من ضعف اليقين. وإذا لم يقدر لك ما تظن أنهم يفعلونه معك فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم. فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فإذا ذممتهم على ما لم يقدّر كان

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس " 2 رواه ابن حبان في صحيحه.

ذلك من ضعف يقينك، فلا تخفهم ولا ترجهم ولا تذمهم من جهة نفسك وهواك; ولكن من حمده الله ورسوله منهم فهو المحمود، ومن ذمه الله ورسوله منهم فهو المذموم. ولما قال بعض وفد بني تميم: "أي محمد أعطني؛ فإن حمدي زَيْن وذَمِّي شَين ". قال النبي صلى الله عليه وسلم " ذاك الله " 3. ودل الحديث على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأعمال من مسمى الإيمان".

قوله: "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ". رواه ابن حبان في صحيحه".

هذا الحديث رواه ابن حبان بهذا اللفظ، ورواه الترمذي عن رجل من أهل المدينة قال: "كتب معاوية رضي الله عنه إلى عائشة -رضي الله عنها-: أن اكتبي لي كتابا توصيني فيه، ولا تكثري علي، فكتبت عائشة -رضي الله عنها- إلى معاوية: سلام عليك، أما بعد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015