بهديه، واتباع سنته، والدعوة إلى دينه الذي دعا إليه ونُصرته، وموالاة من عمل به، ومعاداة من خالفه. فعكس أولئك المشركون ما أراد الله ورسوله علما وعملا، وارتبكوا ما نهى عنه ورسوله. فالله المستعان.

قوله: "وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ".

هذا الحديث ذكره المصنف بدون ذكر راويه. وقد رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس.

وهذا لفظ رواية أحمد1 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم غداة جَمْع: " هلم القُطْ لي. فلقطتُ له حصيات هن حصى الخذف. فلما وضعهن في يده قال: نعم بأمثال هؤلاء فارموا. وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين " 2

قال شيخ الإسلام: هذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال، وسبب هذا اللفظ العام رمي الجمار، وهو داخل فيه، مثل الرمي بالحجارة الكبار، بناء على أنه أبلغ من الصغار. ثم علله بما يقتضي مجانبة هدي من كان قبلنا إبعادا عن الوقوع فيما هلكوا به؛ فإن المشارك لهم في بعض هديهم يخاف عليه من الهلاك.

قوله: "ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " هلك المتنطعون " قالها ثلاثا".

قال الخطابي: " المتنطع المتعمق في الشيء، المتكلف البحث عنه على مذاهب أهل

فيه مسائل:

الأولى: أن من فهم هذا الباب وبابين بعده تبين له غربة الإسلام، ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب.

الثانية: معرفة أول شرك حدث في الأرض أنه بشبهة الصالحين.

الثالثة: أول شيء غُيِّر به دين الأنبياء، وما سبب ذلك مع معرفة أن الله أرسلهم.

الرابعة: قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها.

الخامسة: أن سبب ذلك كله مزج الحق بالباطل، فالأول: محبة الصالحين. والثاني: فعل أُناس من أهل العلم شيئا أرادوا به خيرا، فظن من بعدهم أنهم أرادوا به غيره.

السادسة: تفسير الآية التي في سورة نوح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015