والشر، فمن الأول قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيمًا} ومثله كثير، ومن الثاني قوله تعالى: {قل: أفأنبئكم بشر من ذلكم؟ النار وعدها الله الذين كفروا، وبئس المصير} وأنشدوا:
إذا وعدت شرًا أتى قبل وقته ... وإن وعدت خيرًا راث وعتما
كما يستعمل (أوعد) فيهما أيضًا، كقولك: أوعدت الرجل خيرًا وأوعدته شرًا، هذا والمركز في الطبائع أن من مكارم الأخلاق وجميل العادات أنك إذا وعدت غيرك أن تنزل به شرًا كان الخلف محمدة، وإذا وعدته خيرًا كان الخلف نقيصة، وهذا ما أراده الشاعر في البيت متمدحًا، هذا والثابت عند الأشاعرة أنه يجوز إخلاف الوعيد في حقه تعالى كرمًا، وعند الماتريدية لا يجوز، وأما الوعد فلا يجوز الخلف في حقه تعالى اتفاقًا لأنه نقص، دليل الأشاعرة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من وعده الله على عملٍ ثوابًا فهو منجز له، ومن أوعده على عمل عقابًا فهو بالخيار، إن شاء عذبه، وغن شاء غفر له) وينبغي أن تعلم أن الوفاء بالوعد من علامات الإيمان، وأن الخلف فيه من علامات النفاق فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) رواه البخاري ومسلم، وزاد مسلم في رواية له (وإن صلى وصام وحج واعتمر وقال: إني مسلم).
المعنى: يقول: إن وعدت ابن العم بخير، أو توعدته بشر أخلف الوعيد، وأنجز الوعد، وذلك من مكارم الأخلاق كما رأيت فيما سبق.
الإعراب: الواو: حرف استئناف. إني: حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب اسمها. الواو: واو الاعتراض. إن: حرف شرط جازم. أوعدته: فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب،