هذا وقد اختلف في آكل المرار، هل هو الحارث جده الأول ابن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية، أو هو حجر جده الثاني، أي جد جده، الأكثر على أنه الأول، وإنما سمي بآكل المرار لأن عمرو بن الهبولة الغساني أغار عليهم، وكان الحارث غائبًا فغنم وسبى، وكان فيمن سبي أم أناس بنت عوف، بن محلم السيباني امرأة الحارث، فقالت لعمرو بن الهبولة في مسيره: لكأني برجل أدلم أسود، كأن مشافره مشافر بعير آكل المرار قد أخذ برقبتك، تعني الحارث، فسمي آكل المرار، ثم تبعه الحارث في بكر بن وائلـ فلحقه وقتله، واستنقذ امرأته، وما كان أصاب، وقيل: إنما سمي آكل المرار، لأنه كان إذا غضب غضبة لأمر بلغه جعل يأكل المرار، وهو لا يعلم بمرارته، ولا يحس بها لشدة غضبه، والمرار نبت شديد المرارة تأكله الإبل، وإذا أكلته تقلصت مشافرها، هذا وإن أم امرئ القيس من بني تغلب، أخت كليب ومهلهل ابني ربيعة.
يعد أمرؤ القيس في طليعة شعراء الجاهلية، ورأس الطبقة الأولى، ولا أدل على ذلك من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه (ذاك رجل مذكور في الدنيا، شريف فيها، منسي في الآخرة، خامل فيها، يجئ يوم القيامة ومعه لواء الشعراء إلى النار، وروي يتدهدى بهم في النار، وروي أيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- رفيع في الدنيا، خاملق في الآخرة، شريف في الدنيا، وضيعٌ في الآخرة، هو قائد الشعراء إلى النار).
ولما نشأ أمرؤ القيس طرده أبوه، واختلف في سبب ذلك، فقيل: إنه لما ترعرع علق النساء، وأكثر الذكر لهن، والميل لهن، فكره ذلكمنه وطرده، وقيل: إن سبب طرد أبيه له أنه كان يتعشق امرأته، وهذا غير معروف