لَزِمَهُ اعْتِكَافُهَا بِلَيَالِيِهَا) لِأَنَّ ذِكْرَ الْأَيَّامِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ يَتَنَاوَلُ مَا بِإِزَائِهَا مِنْ اللَّيَالِي، يُقَالُ: مَا رَأَيْتُك مُنْذُ أَيَّامٍ وَالْمُرَادُ بِلَيَالِيِهَا وَكَانَتْ (مُتَتَابِعَةً وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّتَابُعَ) لِأَنَّ مَبْنَى الِاعْتِكَافِ عَلَى التَّتَابُعِ، لِأَنَّ الْأَوْقَاتَ كُلَّهَا قَابِلَةٌ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى التَّفَرُّقِ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلصَّوْمِ فَيَجِبُ عَلَى التَّفَرُّقِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى التَّتَابُعِ (وَإِنْ نَوَى الْأَيَّامَ خَاصَّةً صَحَّتْ نِيَّتُهُ) لِأَنَّهُ نَوَى الْحَقِيقَةَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ: عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا (لَزِمَهُ اعْتِكَافُهَا بِلَيَالِيِهَا وَكَانَتْ مُتَتَابِعَةً) وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ نِيَّةِ الْقَلْبِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: شَهْرًا وَلَمْ يَنْوِهِ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا لَيْلُهُ وَنَهَارُهُ يَفْتَتِحُهُ مَتَى شَاءَ بِالْعَدَدِ لَا هِلَالِيًّا، وَالشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ هِلَالِيٌّ، وَإِنْ فَرَّقَ اسْتَقْبَلَ.
وَقَالَ زُفَرُ: إنْ شَاءَ فَرَّقَهُ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَشَهْرًا يُلْحَقُ بِالْإِجَارَاتِ وَالْأَيْمَانِ فِي لُزُومِ التَّتَابُعِ وَدُخُولِ اللَّيَالِي فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَبِالصَّوْمِ فِي عَدَمِ لُزُومِ الِاتِّصَالِ بِالْوَقْتِ الَّذِي نَذَرَ فِيهِ، وَالْمُعَيِّنُ لِذَلِكَ عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ، يُقَالُ: مَا رَأَيْتُك مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَفِي التَّارِيخِ كُتِبَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ، وَالْمُرَادُ بِلَيَالِيِهَا فِيهِمَا وَقَالَ تَعَالَى {آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ} [مريم: 10] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ {ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} [آل عمران: 41] وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأُولَى فَيَدْخُلُ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيَخْرُجُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ آخِرِ الْأَيَّامِ الَّتِي عَدَّهَا، وَإِنَّمَا يُرَادُ بَيَاضُ النَّهَارِ بِالْيَوْمِ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ يَمْتَدُّ، وَذُكِرَ الْيَوْمُ بِلَفْظِ الْفَرْدِ فَلِهَذَا إذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَدْخُلْ اللَّيْلُ بِخِلَافِ الْأَيَّامِ، وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ الصَّوْمِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَلْزَمُهَا بِيَوْمِهَا، وَلَوْ نَوَى بِاللَّيْلَةِ الْيَوْمَ لَزِمَهُ وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَصِلَ قَضَاءَ أَيَّامِ حَيْضِهَا بِالشَّهْرِ فِيمَا إذَا نَذَرَتْ اعْتِكَافَ شَهْرٍ فَحَاضَتْ فِيهِ، وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِهِ، وَعَنْ لُزُومِ التَّتَابُعِ قَالُوا: لَوْ أُغْمِيَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَوْ أَصَابَهُ عَتَهٌ أَوْ لَمَمٌ اسْتَقْبَلَ إذَا بَرْءًا لِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِي آخِرِ يَوْمٍ وَفِي الصَّوْمِ لَا يَقْضِي الْيَوْمَ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ الْإِغْمَاءُ وَيَقْضِي مَا بَعْدَهُ، فَأَفَادُوا أَنَّ الْإِغْمَاءَ إنَّمَا يُنَافِي شَرْطَ الصَّوْمِ وَهُوَ النِّيَّةُ.
وَالظَّاهِرُ وُجُودُهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ الْإِغْمَاءُ فَلَا يَقْضِيهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ: هُوَ عِبَادَةُ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ، وَالِانْتِظَارُ يَنْقَطِعُ بِالْإِغْمَاءِ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي تَجِبُ بَعْدَ الْإِغْمَاءِ بِخِلَافِ الْإِمْسَاكِ الْمَسْبُوقِ بِالنِّيَّةِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الصَّوْمِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَوْمِ بَيَاضُ النَّهَارِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَنَوَى الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِيَ أَوْ قَلَبَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ