أَحَدُهَا: أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ رَمَضَانَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِمَا رَوَيْنَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّكِّ وَبَيَانِ حُكْمِهِ وَبَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ، أَمَّا الْأَوَّلُ قَالَ هُوَ اسْتِوَاءُ طَرَفَيْ الْإِدْرَاكِ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَمُوجِبُهُ هُنَا أَنْ يُغَمَّ الْهِلَالُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ فَيَشُكُّ فِي الْيَوْمِ الثَّلَاثِينَ أَمِنْ رَمَضَانَ هُوَ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ؟ أَوْ يُغَمَّ مِنْ رَجَبٍ هِلَالُ شَعْبَانَ فَأُكْمِلَتْ عِدَّتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ رُئِيَ هِلَالُ رَمَضَانَ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَهُوَ الثَّلَاثُونَ أَوْ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ، وَمِمَّا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ أَصْحَابِنَا مَا إذَا شَهِدَ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الصَّحْوِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِغَلَطِهِ عِنْدَنَا لِظُهُورِهِ، فَمُقَابِلُهُ مَوْهُومٌ لَا مَشْكُوكٌ.
وَإِنْ كَانَ فِي غَيْمٍ فَهُوَ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ، وَهَذَا لِأَنَّ الشَّهْرَ لَيْسَ الظَّاهِرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثِينَ، حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَكُونُ مَجِيئًا عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ، بَلْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ تَسْتَوِي هَاتَانِ الْحَالَتَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَمَا يُعْطِيهِ الْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ فِي الشَّهْرِ، فَاسْتَوَى الْحَالُ حِينَئِذٍ فِي الثَّلَاثِينَ أَنَّهُ مِنْ الْمُنْسَلِخِ أَوْ الْمُسْتَهَلِّ إذَا كَانَ غَيْمٌ فَيَكُونُ مَشْكُوكًا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَهَلِّ لَرُئِيَ عِنْدَ التَّرَائِيِ، فَلَمَّا لَمْ يُرَ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُنْسَلِخَ ثَلَاثُونَ، فَيَكُونُ هَذَا الْيَوْمُ مِنْهُ غَيْرَ مَشْكُوكٍ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ بَيَانُ حُكْمِ صَوْمِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَقْطَعَ النِّيَّةَ أَوْ يُرَدِّدَهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ صَوْمَ رَمَضَانَ أَوْ وَاجِبٍ آخَرَ أَوْ التَّطَوُّعِ ابْتِدَاءً أَوْ لِاتِّفَاقِ يَوْمٍ كَانَ يَصُومُهُ أَوْ أَيَّامٍ، بِأَنْ كَانَ يَصُومُ مَثَلًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ، وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يُضْجَعَ فِيهَا، فَأَمَّا فِي أَصْلِ النِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَلَا يَصُومُ، أَوْ فِي وَصْفِهَا بِأَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَعَنْ وَاجِبٍ كَذَا قَضَاءٌ أَوْ كَفَّارَةٌ أَوْ نَذْرٌ أَوْ رَمَضَانُ إنْ كَانَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَعَنْ النَّفْلِ وَالْكُلُّ مَكْرُوهٌ إلَّا فِي التَّرَدُّدِ فِي أَصْلِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ صَائِمًا وَإِلَّا فِي النَّفْلِ بِلَا إضْجَاعٍ بَلْ فِي صُورَةِ قَطْعِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ لِمُوَافَقَةِ صَوْمٍ كَانَ يَصُومُهُ أَوْ ابْتِدَاءٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ إذَا لَمْ يُوَافِقْ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ قِيلَ: الْفِطْرُ، وَقِيلَ: الصَّوْمُ، ثُمَّ فِيمَا يُكْرَهُ تَتَفَاوَتُ الْكَرَاهَةُ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ مِنْ الْكِتَابِ.
وَهَذَا فِي عَيْنِ يَوْمِ الشَّكِّ، فَأَمَّا صَوْمُ مَا قَبْلَهُ فَفِي التُّحْفَةِ قَالَ: وَالصَّوْمُ قَبْلَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مَكْرُوهٌ أَيُّ صَوْمٍ كَانَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» . قَالَ: وَإِنَّمَا كَرِهَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَوْفًا مِنْ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ إذَا اعْتَادُوا ذَلِكَ، وَعَنْ هَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكْرَهُ وَصْلُ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ بِأَسْطُرٍ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا، ثُمَّ قَيَّدَهُ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْلَمُ الْعَوَامُّ ذَلِكَ كَيْ لَا يَعْتَادُوا صَوْمَهُ فَيَظُنُّهُ الْجُهَّالُ زِيَادَةً فِي رَمَضَانَ اهـ.
وَظَاهِرُ الْكَافِي فِي خِلَافِهِ قَالَ: إنْ وَافَقَ يَعْنِي يَوْمَ الشَّكِّ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ، وَكَذَا إذَا صَامَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ آخِرِهِ اهـ. وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ عَادَةً وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا، حَيْثُ حَمَلَ حَدِيثَ التَّقَدُّمِ عَلَى التَّقَدُّمِ بِصَوْمِ رَمَضَانَ، مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ صَوْمُهَا لِمَعْنَى مَا فِي التُّحْفَةِ فَتَأَمَّلْ.
وَمَا فِي التُّحْفَةِ أَوْجَهُ. وَأَمَّا