- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ: تَجِبُ عَلَى مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، وَقَدْرُ الْيَسَارِ بِالنِّصَابِ لِتَقْدِيرِ الْغِنَى فِي الشَّرْعِ بِهِ فَاضِلًا عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الْأَشْيَاءِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، وَهُوَ لُزُومُ انْتِفَاءِ مَقْصُودِ التَّكْلِيفِ الْأَوَّلِ أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ مِنْ لَفْظِ " عَلَى " فِي نَحْوِ قَوْلِهِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ عَلَى مَعْنَى كَقَوْلِهِ:

إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللَّهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا

وَهُوَ كَثِيرٌ، وَيَطَّرِدُ بَعْدَ أَلْفَاظٍ وَهِيَ خَفِيَ عَلَيَّ، وَبَعُدَ عَلَيَّ، وَاسْتَحَالَ عَلَيَّ، وَغَضِبَ عَلَيَّ، كُلُّهَا بِمَعْنَى عَنِّي هَذَا لَوْ لَمْ يَجِئْ شَيْءٌ مِنْ أَلْفَاظِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ " عَنْ " كَيْ لَا يُنَافِيه الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ، فَكَيْفَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ صَرَّحَ بِهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ثَعْلَبَةَ، عَلَى أَنَّ الْمُتَأَمِّلَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: كُلِّفَ بِكَذَا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ يَجُرُّ إلَى التَّنَاقُضِ فَضْلًا عَنْ انْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» ) رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مُقْتَصِرًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى فَقَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَتَعْلِيقَاتُهُ الْمَجْزُومَةُ لَهَا حُكْمُ الصِّحَّةِ. وَرَوَاهُ مَرَّةً مُسْنَدًا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَلَفْظَةُ الظَّهْرِ مَقْحَمَةٌ كَظَهْرِ الْقَلْبِ، وَظَهْرِ الْغَيْبِ فِي الْمُغْرِبِ (وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ تَجِبُ عَلَى مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى قُوتِ يَوْمِهِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ) .

وَمَا رَوَى أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَفَّانَ قَالَ: سَأَلْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ نُعْمَانَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَدُّوا صَاعًا مِنْ قَمْحٍ أَوْ صَاعًا مِنْ بُرٍّ شَكَّ حَمَّادٌ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، وَأَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ، وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا يُعْطِي» فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بِالنُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ وَجَهَالَةِ ابْنِ أَبِي صُعَيْرٍ، وَلَوْ صَحَّ لَا يُقَاوَمُ مَا رَوَيْنَاهُ فِي الصِّحَّةِ مَعَ أَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَثْرَةً مِنْ الرِّوَايَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّقْسِيمِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ فِيهَا الْفَقِيرُ فَكَانَتْ تِلْكَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ فَلَا تُقْبَلُ خُصُوصًا مَعَ نُبُوٍّ عَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015