أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ. وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ عَشْرَ قِرَبٍ لِحَدِيثِ «بَنِي شَبَّابَةَ أَنَّهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَاحْمِ لَهُ سَلَبَةَ، وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ غَيْثٍ يَأْكُلُهُ مَنْ شَاءَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَفَّافُ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ بَنِي سَيَّارَةَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ: صَوَابُهُ شَبَّابَةَ بِعُجْمَةٍ وَبِبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ فَهْمٍ «كَانُوا يُؤَدُّونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نَحْلٍ كَانَ لَهُمْ الْعُشْرَ عَنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ، وَكَانَ يَحْمِي وَادِيَيْنِ لَهُمْ» ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَعْمَلَ عَلَى مَا هُنَاكَ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ فَأَبَوْا أَنْ يُؤَدُّوا إلَيْهِ شَيْئًا وَقَالُوا: إنَّمَا كُنَّا نُؤَدِّيهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَتَبَ سُفْيَانُ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: إنَّمَا النَّحْلُ ذُبَابُ غَيْثٍ يَسُوقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رِزْقًا إلَى مَنْ يَشَاءُ، فَإِنْ أَدَّوْا إلَيْك مَا كَانُوا يُؤَدُّونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاحْمِ لَهُمْ أَوْدِيَتَهُمْ، وَإِلَّا فَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَأَدَّوْا إلَيْهِ مَا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَمَى لَهُمْ أَوْدِيَتَهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤْخَذُ فِي زَمَانِهِ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ مِنْ أَوْسَطِهَا» وَإِذْ قَدْ وُجِدَ مَا أَوْجَدْنَاك غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الْوُجُوبُ فِي الْعَسَلِ، وَأَنَّ أَخْذَ سَعْدٍ لَيْسَ رَأْيًا مِنْهُ وَتَطَوُّعًا مِنْهُمْ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَدُّوا زَكَاةَ الْعَسَلِ.
وَالزَّكَاةُ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ فَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَوْنَهُ رَأْيًا مِنْهُ، وَحَمْلُهُ عَلَى السَّمَاعِ أَوْلَى. وَقَوْلُهُمْ: كَمْ تَرَى لَا يَسْتَلْزِمُ عِلْمَهُمْ بِأَنَّهُ عَنْ رَأْيٍ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ عَنْ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الرَّأْيَ فِي خُصُوصٍ مِنْ الْكَمِّيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ مَا عَلِمَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلَ الْوُجُوبِ مَعَ إجْمَالِ الْكَمِّيَّةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَكُونُونَ قَاصِدِي التَّطَوُّعِ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْكَمِّيَّةِ أَوْ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ إذْ قَدْ قَلَّدُوهُ فِي رَأْيِهِ فَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ إذْ كَانَ رَأْيُهُ الْوُجُوبُ. ثُمَّ كَوْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبِلَهُ مِنْهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ حِينَ أَتَاهُ بِعَيْنِ الْعَسَلِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا عَلَى أَنَّهُ زَكَاةٌ أَخَذَهَا مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ مَعْهُودٌ فِي الشَّرْعِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا الْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِي ثُبُوتِهِ، وَفِيهِ الْأَمْرُ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَدَاءِ الْعُشُورِ، وَالْمُرْسَلُ بِانْفِرَادِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَا أَقَمْنَا الدَّلَالَةَ عَلَيْهِ. وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِهِ بِانْفِرَادِهِ فَتُعَدُّ طُرُقُ الضَّعِيفِ ضَعْفًا بِغَيْرِ فِسْقِ الرُّوَاةِ يُفِيدُ حُجِّيَّتَهُ، إذْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إجَادَةُ كَثِيرِ الْغَلَطِ فِي خُصُوصِ هَذَا الْمَتْنِ وَهُنَا كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمُرْسَلُ الْمَذْكُورُ مَعَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ مَاجَهْ، وَحَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ وَحَدِيثِ الشَّافِعِيِّ، فَتَثْبُتُ الْحُجِّيَّةُ اخْتِيَارًا مِنْهُمْ وَرُجُوعًا وَإِلَّا فَإِلْزَامًا وَجَبْرًا، ثُمَّ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ فِيهِ. وَغَايَةُ مَا فِي حَدِيثِ الْقِرَبِ أَنَّهُ كَانَ أَدَاؤُهُمْ مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةً وَهُوَ فَرْعُ بُلُوغِ عَسَلِهِمْ هَذَا الْمَبْلَغَ، أَمَّا النَّفْيُ عَمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنْ عَشْرِ قِرَبٍ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «فِي الْعَسَلِ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَزُقٍّ زِقٌّ» فَضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ بَنِي شَبَّابَةَ) قَالَ