وَالنُّفَسَاءُ إذَا طَهُرَتَا وَكَذَا قَبْلَ الِانْقِطَاعِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيّ لَهُمَا أَنَّ الصَّبِيَّ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQتُغَسِّلُوهُمْ» فَلَيْسَ بِدَافِعٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَيَيْنِ لَيْسَ حَنْظَلَةُ مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ فِي الْكُلِّ وَهُوَ مِنْهُمْ كَانَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ جُنُبًا لِأَنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ إنَّمَا كَانَ مِنْ زَوْجَتِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِغُسْلِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ نَصُّ حَدِيثِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ وَقَدْ قُتِلَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الثَّقَفِيُّ: إنَّ صَاحِبَكُمْ حَنْظَلَةَ تُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، فَسَلُوا صَاحِبَتَهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ لَمَّا سَمِعَ الْهَائِعَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ» وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَسَلُوا صَاحِبَتَهُ يَعْنِي زَوْجَتَهُ، وَهِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، وَكَانَ قَدْ بَنَى بِهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَرَأَتْ فِي مَنَامِهَا كَأَنَّ بَابًا مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ وَأُغْلِقَ دُونَهُ فَعَرَفْت أَنَّهُ مَقْتُولٌ مِنْ الْغَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ دَعَتْ بِأَرْبَعَةٍ مِنْ قَوْمِهَا فَأَشْهَدَتْهُمْ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ.

ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ، وَزَادَ «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِمَاءِ الْمُزْنِ فِي صِحَافِ الْفِضَّةِ» قَالَ أَبُو أُسَيْدَ: «ذَهَبْنَا إلَيْهِ فَوَجَدْنَاهُ يَقْطُرُ رَأْسُهُ دَمًا، فَرَجَعْتُ فَأَخْبَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» الْحَدِيثَ.

وَفِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لِلسَّرَقُسْطِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ خَرَجَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ وَقَدْ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يَغْتَسِلْ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ فَرَسِهِ فَوَثَبَ عَلَيْهِ حَنْظَلَةُ وَقَعَدَ عَلَى صَدْرِهِ يَذْبَحُهُ فَمَرَّ بِهِ جَعْوَنَةُ بْنُ شَعُوبٍ الْكِنَانِيُّ فَاسْتَغَاثَ بِهِ أَبُو سُفْيَانَ فَحَمَلَ عَلَى حَنْظَلَةَ فَقَتَلَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:

لَأَحْمِيَنَّ صَاحِبِي وَنَفْسِي ... بِطَعْنَةٍ مِثْلِ شُعَاعِ الشَّمْسِ

وَفِي الْوَاقِدِيِّ سَمَّى الْقَاتِلَ الْأَسْوَدَ بْنَ شَعُوبَ (قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ) احْتِرَازٌ عَنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْغُسْلُ وَاجِبًا عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْمَوْتِ إذْ لَا يَجِبُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ.

وَجْهُ الْمُخْتَارَةِ أَنَّ الدَّمَ مُوجِبٌ لِلِاغْتِسَالِ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ، وَقَدْ حَصَلَ الِانْقِطَاعُ بِالْمَوْتِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْجُنُبِ إذْ قَدْ صَارَ أَصْلًا مُعَلَّلًا بِالْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: إنَّ الصَّبِيَّ أَوْلَى بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ) وَهِيَ سُقُوطُ الْغُسْلِ، فَإِنَّ سُقُوطَهُ لِإِبْقَاءِ أَثَرِ الْمَظْلُومِيَّةِ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّ مَظْلُومِيَّتَهُ أَشَدُّ حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا: خُصُومَةُ الْبَهِيمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ مِنْ خُصُومَةِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنَّ السَّيْفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ إمَّا إبْدَاءُ قَيْدٍ زَائِدٍ فِي الْعِلِّيَّةِ فَإِنَّهُمَا عَلَّلَا السُّقُوطَ إيفَاءَ أَثَرِ الْمَظْلُومِيَّةِ فَقَالَ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015