فَيُسْتَحَبُّ الْإِدْخَالُ مِنْهُ، وَاضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ فِي إدْخَالِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

(فَإِذَا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ يَقُولُ وَاضِعُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) كَذَا قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ وَضَعَ أَبَا دُجَانَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْقَبْرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْنَا إدْخَالُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُضْطَرَبٌ فِيهِ، فَكَمَا رُوِيَ ذَلِكَ رُوِيَ خِلَافُهُ.

أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ هُوَ النَّخَعِيُّ وَمَنْ قَالَ التَّيْمِيُّ فَقَدْ وَهَمَ، فَإِنَّ حَمَّادًا إنَّمَا يَرْوِي عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فَقَالَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُدْخِلَ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُسَلَّ سَلًّا» وَزَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَرُفِعَ قَبْرُهُ حَتَّى يُعْرَفَ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُخِذَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَاسْتُقْبِلَ اسْتِقْبَالًا» وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى مَا دَفَعَ بِهِ الِاسْتِدْلَالَ الْأَوَّلَ مِنْ أَنَّ سَلَّهُ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ الْقَبْرَ فِي أَصْلِ الْحَائِطِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دُفِنَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَلَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُتَوَفَّ مُلْتَصِقًا إلَى الْحَائِطِ بَلْ مُسْتَنِدًا إلَى عَائِشَةَ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَتْ تَقُولُ «مَاتَ بَيْنَ حَافِنَتِي وَذَاقِنَتِي» يَقْتَضِي كَوْنَهُ مُبَاعِدًا مِنْ الْحَائِطِ وَإِنْ كَانَ فِرَاشُهُ إلَى الْحَائِطِ لِأَنَّهُ حَالَةَ اسْتِنَادِهِ إلَى عَائِشَةَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا يُتَوَفَّى مُسْتَقْبِلًا فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ اللَّحْدِ مُلْتَصِقًا إلَى أَصْلِ الْجِدَارِ، وَمَنْزِلُ الْقَبْرِ قِبْلَةً، وَلَيْسَ الْإِدْخَالُ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إلَّا أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَى سَقْفِ اللَّحْدِ ثُمَّ يُؤْخَذَ الْمَيِّتُ وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: تَعَارَضَ مَا رَوَاهُ وَمَا رَوَيْنَاهُ فَتَسَاقَطَا. وَلَوْ تَرَجَّحَ الْأَوَّلُ كَانَ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قُلْنَا.

وَغَايَةُ فِعْلِ غَيْرِهِ أَنَّهُ فِعْلُ صَحَابِيٍّ ظَنَّ السُّنَّةَ ذَلِكَ، وَقَدْ وَجَدْنَا التَّشْرِيعَ الْمَنْقُولَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ خِلَافَهُ، وَكَذَا عَنْ بَعْضِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ، فَالْأَوَّلُ مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا فَأُسْرِجَ لَهُ سِرَاجٌ فَأَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ إنْ كُنْتَ لَأَوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ انْتَهَى.

مَعَ أَنَّ فِيهِ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ وَمِنْهَالَ بْنَ خَلِيفَةَ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِمَا وَذَلِكَ يَحُطُّ الْحَدِيثَ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيحِ لَا الْحَسَنِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي أَمْرِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ فِي بَابِ الْقِرَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالثَّانِي مَا أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ " أَنَّ عَلِيًّا كَبَّرَ عَلَى يَزِيدَ بْنَ الْمُكَفِّفِ أَرْبَعًا وَأَدْخَلَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ ". وَأَخْرَجَ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ " أَنَّهُ وَلَّى ابْنَ عَبَّاسٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا وَأَدْخَلَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ "

(قَوْلُهُ هَكَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَضَعَ أَبَا دُجَانَةَ) غَلَطٌ، فَإِنَّ أَبَا دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ، لَكِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015