الشَّاةِ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي أَكْلِهِ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ النَّمَاءِ الَّذِي يَحْدُثُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ
قَالَ (وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ وَلَا تَجُوزُ فِي الدَّيْنِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا يَصِيرُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا
وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ فِيهِمَا، وَالْخِلَافُ مَعَهُمَا فِي الرَّهْنِ، وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ وَالْمَهْرُ وَالْمَنْكُوحَةُ سَوَاءٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبُيُوعِ
وَلِأَبِي يُوسُفَ فِي الْخِلَافِيَّةِ الْأُخْرَى أَنَّ الدَّيْنَ فِي بَابِ الرَّهْنِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالرَّهْنُ كَالْمُثَمَّنِ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الِالْتِحَاقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لِلْحَاجَةِ وَالْإِمْكَانِ
وَلَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدَّيْنِ تُوجِبُ الشُّيُوعَ فِي الرَّهْنِ، وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عِنْدَنَا، وَالزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ تُوجِبُ الشُّيُوعَ فِي الدَّيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الدَّيْنِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الْبَقَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى، إلَى هُنَا كَلَامُهُ
أَقُولُ: جَوَابُهُ الَّذِي عَدَّهُ أَوْلَى لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ السُّؤَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إنَّ مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ يَكُونُ مَحَلًّا لِلرَّهْنِ، وَالْخَمْرُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ ابْتِدَاءً فَهُوَ مَحَلٌّ لَهُ بَقَاءً حَيْثُ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ، فَمَا مَعْنَى كَوْنِ الْخَمْرِ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ فِي الْبَقَاءِ دُونَ الِابْتِدَاءِ
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْخَمْرَ قَابِلٌ لِحُكْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْمِلْكُ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً لَا يَدْفَعُ السُّؤَالَ الْمَزْبُورَ الْمُورَدَ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ: إنَّ الْخَمْرَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ ابْتِدَاءً فَهُوَ مَحَلٌّ لَهُ بَقَاءً، بَلْ يَكُونُ مَآلُهُ تَغْيِيرَ تَعْلِيلِهِمْ الْمَذْكُورِ، إلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا يَكُونُ حُكْمًا لِلْبَيْعِ يَكُونُ حُكْمًا لِلرَّهْنِ، وَالْخَمْرُ قَابِلٌ لِحُكْمِ الْبَيْعِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً فَكَذَا فِي الرَّهْنِ، وَهَذَا مَعَ كَوْنِهِ عُدُولًا عَنْ تَعْلِيلِهِمْ الْمَرَضِيِّ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ؛ إذْ لَا رَيْبَ أَنَّ مَا يَكُونُ حُكْمًا لِلْبَيْعِ، وَهُوَ مِلْكُ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ حُكْمًا لِلرَّهْنِ
فَإِنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ إنَّمَا هُوَ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ وَالْحَبْسِ لِلْمُرْتَهِنِ لَا غَيْرُ كَمَا تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ وَلَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدَّيْنِ تُوجِبُ الشُّيُوعَ فِي الرَّهْنِ إلَخْ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ دَلِيلِهِمَا؛ لِأَنَّ دَلِيلَ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا هُوَ الْقِيَاسُ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ إيَّاهُ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الدَّيْنَ فِي بَابِ الرَّهْنِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالرَّهْنُ كَالْمُثَمَّنِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الِالْتِحَاقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لِلْحَاجَةِ وَالْإِمْكَانِ، وَعَنْ هَذَا تَرَكَ صَاحِبُ الْكَافِي الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ أَعْنِي قَوْلَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي أَثْنَاءِ تَقْرِيرِ دَلِيلِهِمَا
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هَا هُنَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ الِاحْتِرَازَ عَنْ أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ الْخِلَافِيَّةُ الْأُخْرَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ الزِّيَادَةِ فِي الدَّيْنِ، بَلْ مُرَادُهُ بِذَلِكَ هُوَ الِاحْتِرَازُ عَنْ أَصْلِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ فِي الْخِلَافِيَّةِ الْأُولَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ، فَإِنَّ أَصْلَهُمْ فِيهَا هُوَ الِاسْتِحْسَانُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْبَاعِثُ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ هَا هُنَا بِهَذَا الِاحْتِرَازِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ دَلِيلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْخِلَافِيَّةِ الْأُخْرَى هُوَ الْقِيَاسَ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ تَقْرِيرُهُ