(وَلَوْ أَدْرَكَهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَوْ أَخَذَهُ أَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ لَمْ يُؤْكَلْ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَبْحُهُ أُكِلَ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ، وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الذَّبْحِ لَمْ يُوجَدْ (وَإِنْ أَدْرَكَهُ فَذَكَّاهُ حَلَّ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَالذَّكَاةُ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ؛ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَاتُهُ الذَّبْحُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ وُجِدَ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُحْتَاجُ إلَى الذَّبْحِ
(وَإِذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ وَأَخَذَ غَيْرَهُ حَلَّ) وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إرْسَالٍ؛ إذْ الْإِرْسَالُ مُخْتَصٌّ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ
وَلَنَا أَنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ حُصُولُ الصَّيْدِ إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَعْلِيمُهُ عَلَى وَجْهٍ يَأْخُذُ مَا عَيَّنَهُ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ
(وَلَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ كَثِيرٍ وَسَمَّى مَرَّةً وَاحِدَةً حَالَةَ الْإِرْسَالِ، فَلَوْ قَتَلَ الْكُلَّ يَحِلُّ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ الْوَاحِدَةِ) ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ يَقَعُ بِالْإِرْسَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَلِهَذَا تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَهُ وَالْفِعْلُ وَاحِدٌ فَيَكْفِيهِ تَسْمِيَةٌ وَاحِدَةٌ، بِخِلَافِ ذَبْحِ الشَّاتَيْنِ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَصِيرُ مَذْبُوحَةً بِفِعْلٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةٍ أُخْرَى، حَتَّى لَوْ أَضْجَعَ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى، وَذَبَحَهُمَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ تَحِلَّانِ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ
(وَمَنْ أَرْسَلَ فَهْدًا فَكَمَنَ حَتَّى يَسْتَمْكِنَ ثُمَّ أَخَذَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ يُؤْكَلُ) ؛ لِأَنَّ مُكْثَهُ ذَلِكَ حِيلَةٌ مِنْهُ لِلصَّيْدِ لَا اسْتِرَاحَةٌ فَلَا يَقْطَعُ الْإِرْسَالَ (وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا اعْتَادَ عَادَتَهُ)
(وَلَوْ أَخَذَ الْكَلْبُ صَيْدًا فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَخَذَ آخَرَ فَقَتَلَهُ وَقَدْ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ أُكِلَا جَمِيعًا) ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ قَائِمٌ لَمْ يَنْقَطِعْ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَأَصَابَ آخَرَ (وَلَوْ قَتَلَ الْأَوَّلَ فَجَثَمَ عَلَيْهِ طَوِيلًا مِنْ النَّهَارِ ثُمَّ مَرَّ بِهِ صَيْدٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ الثَّانِي) لِانْقِطَاعِ الْإِرْسَالِ بِمُكْثِهِ
إذْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِيلَةً مِنْهُ لِلْأَخْذِ وَإِنَّمَا كَانَ اسْتِرَاحَةً، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ
(وَلَوْ أَرْسَلَ بَازِيَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ فَوَقَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ اتَّبَعَ الصَّيْدَ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَمْكُثْ زَمَانًا طَوِيلًا لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَإِنَّمَا مَكَثَ سَاعَةً لِلتَّمْكِينِ لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْكَلْبِ
(وَلَوْ أَنَّ بَازِيًا مُعَلَّمًا أَخَذَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ وَلَا يُدْرَى أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ أَمْ لَا لَا يُؤْكَلُ) لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الْإِرْسَالِ، وَلَا تَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ بِدُونِهِ.
قَالَ (وَإِنْ خَنَقَهُ الْكَلْبُ وَلَمْ يَجْرَحْهُ لَمْ يُؤْكَلْ) ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ شَرْطُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالْكَسْرِ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا كَسَرَ عُضْوًا فَقَتَلَهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ جِرَاحَةٌ بَاطِنَةٌ فَهِيَ كَالْجِرَاحَةِ الظَّاهِرَةِ
وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جُرْحٌ يَنْتَهِضُ سَبَبًا لِإِنْهَارِ الدَّمِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ فَأَشْبَهَ التَّخْنِيقَ
قَالَ (وَإِنْ شَارَكَهُ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ أَوْ كَلْبٌ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُرِيدُ بِهِ عَمْدًا لَمْ يُؤْكَلْ) لِمَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحْرِمُ فَيَغْلِبُ جِهَةُ الْحُرْمَةِ نَصًّا أَوْ احْتِيَاطًا (وَلَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْكَلْبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْبُوحُ وَبَيْنَ مَا لَا يَعِيشُ فَوْقَ ذَلِكَ، بَلْ جَعَلُوا كَلْبَهُمَا مِمَّا بَقِيَ فِيهِ اضْطِرَابُ الْمَذْبُوحِ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِهَذِهِ الْحَيَاةِ تَعْلِيلٌ لِحُكْمِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ فَوْقَ مَا يَعِيشُ الْمَذْبُوحُ، فَكَيْفَ يَتِمُّ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ فِي ذَيْلِ هَذَا التَّعْلِيلِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مَا يَعُمُّهُمَا مَعًا
بِخِلَافِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَيِّتٌ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِحِلِّ أَكْلِ مَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ مِثْلَ مَا بَقِيَ فِي الْمَذْبُوحِ