وَلِهَذَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا، وَيَجِبُ بِالْإِعَانَةِ وَالْإِشَارَةِ، فَلَأَنْ يَجِبَ بِمَا هُوَ فَوْقَهَا وَهُوَ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَمْنِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
قَالَ (وَمَا نَقَصَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَفَاءً بِهِ انْجَبَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَعَلُّقٌ بِالْمَفْعُولِ بِهِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَصِيرُ وَصْفًا لَهُ أَيْضًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي التَّلْوِيحِ فِي فَصْلِ أَلْفَاظِ الْعَامِّ وَحَقَّقَهُ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ مُحْتَاجٌ إلَى الْمَفْعُولِ بِهِ فِي التَّعَقُّلِ وَالْوُجُودِ جَمِيعًا، وَإِلَى الْمَفْعُولِ فِيهِ فِي الْوُجُودِ فَقَطْ. وَقَالَ: وَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالْفَاعِلِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَصْفٌ لَهُ، وَتَعَلُّقٌ بِالْمَفْعُولِ بِهِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَصْفٌ لَهُ.
وَقَالَ: وَلَا امْتِنَاعَ فِي قِيَامِ الْإِضَافِيَّاتِ بِالْمُضَافِينَ، وَرَدَّ بِهِ قَوْلَ صَاحِبِ الْكَشْفِ إنَّ الضَّرْبَ قَائِمٌ بِالضَّارِبِ فَلَا يَقُومُ بِالْمَضْرُوبِ لِامْتِنَاعِ قِيَامِ الْوَصْفِ الْوَاحِدِ بِشَخْصَيْنِ، فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهُ أَنَّ الضَّمَانَ كَمَا يُوصَفُ بِهِ الْغَاصِبُ حَقِيقَةً فَيُقَالُ هُوَ ضَامِنٌ يُوصَفُ بِهِ الْمَالُ أَيْضًا حَقِيقَةً فَيُقَالُ هُوَ مَضْمُونٌ، فَقَوْلُ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحِ فَإِنْ وُصِفَ بِهِ الْمَالُ كَانَ مَجَازًا مَمْنُوعٌ جِدًّا.
وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ وُجِدَ الضَّمَانُ فِي مَوَاضِعَ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهَا فَكَانَ أَمَارَةَ زَيْفِهَا، وَذَلِكَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُزِلْ يَدَ الْمَالِكِ بَلْ أَزَالَ يَدَ الْغَاصِبِ، وَكَالْمُلْتَقِطِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِشْهَادِ وَلَمْ يُزِلْ يَدًا، وَالْمَغْرُورُ إذَا مَنَعَ الْوَلَدَ يَضْمَنُ بِهِ الْوَلَدَ وَلَمْ يُزِلْ يَدًا فِي حَقِّ الْوَلَدِ، وَيَضْمَنُ الْأَمْوَالَ بِالْإِتْلَافِ تَسَبُّبًا كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَلَيْسَ ثَمَّةَ إزَالَةُ يَدِ أَحَدٍ وَلَا إثْبَاتُهَا.
فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا قُلْنَا إنَّ الْغَصْبَ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ يُوجِبُ الضَّمَانَ مُطَّرِدٌ لَا مَحَالَةَ. وَأَمَّا أَنَّ كُلَّ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَانَ غَصْبًا فَلَمْ يُلْتَزَمْ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ حُكْمًا نَوْعِيًّا يَثْبُتُ كُلُّ شَخْصٍ مِنْهُ بِشَخْصٍ مِنْ الْعِلَّةِ مِمَّا يَكُونُ تَعَدِّيًا، إلَى هُنَا كَلَامُهُ. أَقُولُ: هَذَا الْجَوَابُ لَيْسَ بِتَامٍّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالسُّؤَالِ الْمَذْكُورِ أَنَّ قَوْلَك الْغَصْبُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ يُوجِبُ الضَّمَانَ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ لَتَحَقَّقَ وُجُوبُ الضَّمَانِ فِي الصُّورَةِ الْمَزْبُورَةِ بِدُونِ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ فِيهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ تَعْلِيلَ مَسْأَلَتِنَا بِالْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ مُنْتَقَضٌ بِالصُّورَةِ الْمَزْبُورَةِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ تَفْسِيرَ الْغَصْبِ بِمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ فَلَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ فِيهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ التَّفْسِيرَ غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ فِي الصُّورَةِ الْمَزْبُورَةِ أَيْضًا مَعَ وُجُوبِ الضَّمَانِ فِيهَا فَلَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ السُّؤَالَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ. فَالْأَوْلَى فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ مَا فُصِّلَ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، فَإِنْ شِئْت فَرَاجِعْهُمَا.
(قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ: أَيْ يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَدَّى الضَّمَانَ بِسَبَبِ إخْرَاجِ الصَّيْدِ عَنْ الْحَرَمِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْحَرَمِ ثُمَّ أَخْرَجَ ذَلِكَ الصَّيْدَ مِنْ الْحَرَمِ يَجِبُ ضَمَانٌ آخَرُ، كَذَا وَجَدْتُ بِخَطِّ شَيْخِي، وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الْإِرْسَالِ بِتَكَرُّرِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحَرَمِ، وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ فِي الْمَنَاسِكِ حَيْثُ جَعَلَ هُنَاكَ إيصَالَ صَيْدِ الْحَرَمِ إلَى الْحَرَمِ بِمَنْزِلَةِ إيصَالُ