قُلْنَا: نَعَمْ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَيْهِ كَمَا فِي شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ، وَهَاهُنَا لَمْ نَجِدْ نَفَاذًا لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ أَوْ لِضَرَرِ الْمَوْلَى فَوَقَفْنَاهُ. قَالَ (وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ تُوجِبُ الْحَجْرَ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ) لِأَنَّهُ لَا مَرَدَّ لَهَا لِوُجُودِهَا حِسًّا وَمُشَاهَدَةً

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَعْلِ الْأَسْبَابِ الْأَصْلِيَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا ثَلَاثَةً وَهِيَ: الصِّغَرُ، وَالرِّقُّ، وَالْجُنُونُ.

وَفِي كُتُبِ الْأُصُولِ عَلَى جَعْلِ الْعَتَهِ قَسِيمًا لِلْجُنُونِ كَسَائِرِ الْأُمُورِ الْمُعْتَرِضَةِ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ وَمُخَالِفًا لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، فَقَدْ خَالَفَ اصْطِلَاحُهُمْ فِي الْفُرُوعِ اصْطِلَاحَهُمْ فِي الْأُصُولِ وَهَذَا مِنْ النَّوَادِرِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ) الَّتِي هِيَ الصِّغَرُ وَالرِّقُّ وَالْجُنُونُ تُوجِبُ الْحَجْرَ فِي الْأَقْوَالِ، حَتَّى أَوْجَبَ التَّوَقُّفَ فِي الْأَقْوَالِ الَّتِي تُرَدَّدُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضُّرِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَبْدِ.

وَأَوْجَبَ الْحَجْرَ مِنْ الْأَصْلِ بِالْإِعْدَامِ فِي حُكْمِ أَقْوَالٍ تَتَمَحَّضُ ضَرَرًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونُ دُونَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي حَلِّ هَذَا الْمَحَلِّ: وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ: يَعْنِي الصِّغَرَ وَالرِّقَّ وَالْجُنُونَ تُوجِبُ الْحَجْرَ فِي الْأَقْوَالِ: يَعْنِي مَا تَرَدَّدَ مِنْهَا بَيْنَ النَّفْعِ وَالضُّرِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ: أَيْ هَذِهِ الْمَعَانِي تُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى الْعُمُومِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَبْدِ، وَأَمَّا مَا يَتَمَحَّضُ مِنْهَا ضَرَرًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْإِعْدَامَ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ دُونَ الْعَبْدِ، وَأَمَّا مَا يَتَمَحَّضُ مِنْهَا نَفْعًا كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ لَا حَجْرَ فِيهِ عَلَى الْعُمُومِ انْتَهَى كَلَامُهُ.

أَقُولُ: خَصَّصَ الشَّارِحُ الْمَزْبُورُ الْأَقْوَالَ الْمَذْكُورَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ بِالْأَقْوَالِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضُّرِّ حَيْثُ قَالَ: أَعْنِي مَا تَرَدَّدَ مِنْهَا بَيْنَ النَّفْعِ وَالضُّرِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَلَمَّا أَخْرَجَ عَنْ الْأَقْوَالِ مَا تَمَحَّضَ نَفْعًا وَمَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا وَكَانَ فَائِدَةُ إخْرَاجِ الْأَوَّلِ ظَاهِرَةً لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْحَجْرِ فِيهَا أَصْلًا دُونَ فَائِدَةِ ثُبُوتِ إخْرَاجِ الثَّانِي لِثُبُوتِ الْحَجْرِ فِيهِ أَيْضًا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ خَصَّصَ مَعْنَى إيجَابِ الْحَجْرِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: أَيْ هَذِهِ الْمَعَانِي تُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى الْعُمُومِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَبْدِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الْحَجْرِ بِهَذَا الْمَعْنَى الْمَخْصُوصِ فِيمَا يَتَمَحَّضُ ضَرَرًا مِنْ الْأَقْوَالِ.

وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا مَا يَتَمَحَّضُ مِنْهَا ضَرَرًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْإِعْدَامَ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ دُونَ الْعَبْدِ، وَلَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّ عِبَارَةَ الْكِتَابِ مَعَ عَدَمِ مُسَاعَدَتِهَا لِشَيْءٍ مِنْ التَّخْصِيصَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يَلْزَمُ إذْ ذَاكَ مَحْذُورَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ الْمَزْبُورُ يَصِيرُ مَآلُ مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ تُوجِبُ الْحَجْرَ فِي الْأَقْوَالِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَمَنْ بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ فَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَجَازَهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَإِنْ شَاءَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015