«وَمَاتَ مُعْتَقٌ لِابْنَةِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْهَا وَعَنْ بِنْتٍ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» . وَيُسْتَوَى فِيهِ الْإِعْتَاقُ بِمَالٍ وَبِغَيْرِهِ لِإِطْلَاقِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
قَالَ (فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ سَائِبَةٌ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) لِأَنَّ الشَّرْطَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ فَلَا يَصِحُّ.
قَالَ (وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَوْلَى وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى) لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِمَا بَاشَرَ مِنْ السَّبَبِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي الْمُكَاتَبِ (وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ أَوْ بِشِرَائِهِ وَعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْوَصِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ كَفِعْلِهِ وَالتَّرِكَةُ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ
(وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ) لِمَا بَيَّنَّا فِي الْعَتَاقِ (وَوَلَاؤُهُمْ لَهُ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُمْ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ
(وَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) لِمَا بَيَّنَّا فِي الْعَتَاقِ (وَوَلَاؤُهُ لَهُ) لِوُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ
(وَإِذَا تَزَوَّجَ عَبْدُ رَجُلٍ أَمَةً لِآخَرَ فَأَعْتَقَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْأَمَةَ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الْعَبْدِ عَتَقَتْ وَعَتَقَ حَمْلُهَا، وَوَلَاءُ الْحَمْلِ لِمَوْلَى الْأُمِّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَبَدًا) لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مُعْتِقِ الْأُمِّ مَقْصُودًا إذْ هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا يَقْبَلُ الْإِعْتَاقَ مَقْصُودًا فَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ عَنْهُ عَمَلًا بِمَا رَوَيْنَا (وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِ الْحَمْلِ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ (أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ يَتَعَلَّقَانِ مَعًا. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَالَتْ رَجُلًا وَهِيَ حُبْلَى وَالزَّوْجُ وَالَى غَيْرَهُ حَيْثُ يَكُونُ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ لِأَنَّ الْجَنِينَ غَيْرُ قَابِلٍ لِهَذَا الْوَلَاءِ مَقْصُودًا، لِأَنَّ تَمَامَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَقُولُ: يُرِيدُ بِالْوَجْهَيْنِ الْعَقْلَ وَالْإِرْثَ لَكِنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى أَنْ يَعْقِلَ الْمُعْتِقُ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْغُرْمِ بِالْغُنْمِ لَا كَوْنُ الْغُنْمِ بِالْغُرْمِ، وَالْمَذْكُورُ هَاهُنَا هُوَ الثَّانِي فَكَيْفَ يَخْدُمُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا قَبْلُ وَلِأَنَّ التَّنَاصُرَ بِهِ فَيَعْقِلُهُ مَبْنِيًّا عَلَى كَوْنِ الْغُنْمِ بِالْغُرْمِ كَمَا عَرَفْت فَكَيْفَ يَنْتَظِمُ حِينَئِذٍ وَاوُ الْعَطْفِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. عَلَى أَنَّا لَوْ جَعَلْنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ دَلِيلٌ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا آلَ الْمَعْنَى إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَعْقِلُهُ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ لِأَنَّهُ يَعْقِلُهُ فَأَدَّى إلَى الدَّوْرِ كَمَا لَا يَخْفَى.
فَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ دَلِيلٌ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فَقَطْ وَهُوَ الْإِرْثُ مَعْطُوفٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ أَحْيَاهُ مَعْنًى بِإِزَالَةِ الرِّقِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهُ أَحْيَاهُ مَعْنًى بِإِزَالَةِ الرِّقِّ عَنْهُ فَيَرِثُهُ، وَلِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ فَحَيْثُ يَغْرَمُ عَقْلَهُ يَرِثُ مَالَهُ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَمَاتَ مُعْتَقٌ لِابْنَةِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا رَوَيْنَا مَعْنًى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ الْمَزْبُورُ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ، وَنَظَائِرُ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى
(قَوْلُهُ وَإِذَا تَزَوَّجَ عَبْدُ رَجُلٍ أَمَةً لِآخَرَ فَأَعْتَقَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْأَمَةَ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الْعَبْدِ عَتَقَتْ وَعَتَقَ حَمْلُهَا، وَوَلَاءُ الْحَمْلِ لِمَوْلَى الْأُمِّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَبَدًا) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِهِ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مُعْتِقِ الْأُمِّ مَقْصُودًا فَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ عَنْهُ عَمَلًا بِمَا رَوَيْنَا.
وَقَالَ الشُّرَّاحُ: إنَّمَا صَارَ الْحَمْلُ مُعْتَقًا مَقْصُودًا لِأَنَّ الْمَوْلَى قَصَدَ إعْتَاقَ الْأُمِّ وَالْقَصْدُ إلَيْهَا بِالْإِعْتَاقِ قَصْدٌ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَالْحَمْلُ جُزْءٌ مِنْهَا فَصَارَ مُعْتَقًا مَقْصُودًا اهـ. أَقُولُ: يَرَى الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرُوا هَاهُنَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ فَإِنَّهُ قَالَ هُنَاكَ: وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ حَمْلُهَا تَبَعًا لَهَا إذْ هُوَ مُتَّصِلٌ