قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمَالَ حَالًّا وَيَجُوزُ مُؤَجَّلًا وَمُنَجَّمًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ حَالًّا وَلَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ فِي زَمَانٍ قَلِيلٍ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ قَبْلَهُ لِلرِّقِّ، بِخِلَافِ السَّلَمِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ فَكَانَ احْتِمَالُ الْقُدْرَةِ ثَابِتًا، وَقَدْ دَلَّ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَيَثْبُتُ. وَلَنَا ظَاهِرُ مَا تَلَوْنَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ التَّنْجِيمِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْبَدَلُ مَعْقُودٌ بِهِ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّلَمِ عَلَى أَصْلِنَا لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ مَبْنَى الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ فَيُمْهِلُهُ الْمَوْلَى ظَاهِرًا، بِخِلَافِ السَّلَمِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَفِي الْحَالِ كَمَا امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُطْلَقُ عَلَى أَمْوَالِ الْقُرَبِ كَالصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ، فَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا أَنْ نُعْطِيَ الْمُكَاتَبِينَ مِنْ صَدَقَاتِنَا لِيَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ، وَالْمَأْمُورُ بِهِ الْإِيتَاءُ وَهُوَ الْإِعْطَاءُ، وَالْحَطُّ لَا يُسَمَّى إعْطَاءً، وَالْمَالُ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ هُوَ مَا فِي أَيْدِينَا لَا الْوَصْفُ الثَّابِتُ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِينَ، فَحَمْلُهُ عَلَى حَطِّ رُبْعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَمَلٌ بِلَا دَلِيلٍ، وَلَوْ سَلِمَ فَالْمُرَادُ بِهِ النَّدْبُ كَاَلَّذِي فِي قَوْلِهِ {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] لَا يُقَالُ: الْقُرْآنُ فِي النَّظْمِ لَا يُوجِبُ الْقُرْآنَ فِي الْحُكْمِ، لِأَنَّا لَمْ نَجْعَلْ الْقُرْآنَ مُوجِبًا نَقُولُ: الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ عَلَى قَرِينَةٍ غَيْرِ الْوُجُوبِ لِلْوُجُوبِ، وَقَوْلُهُ {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] قَرِينَةٌ لِذَلِكَ. كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَرِينَةً لِكَوْنِ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ {وَآتُوهُمْ} [النور: 33] لِغَيْرِ الْوُجُوبِ بِدُونِ مُلَاحَظَةِ إيجَابِ الْقُرْآنِ فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ فِي الْحُكْمِ، إذْ لَا دَلَالَةَ فِي مُجَرَّدِ كَوْنِ أَمْرٍ لِغَيْرِ الْوُجُوبِ عَلَى كَوْنِ أَمْرٍ آخَرَ أَيْضًا لِذَلِكَ حَتَّى يُجْعَلَ كَوْنُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] لِلنَّدَبِ قَرِينَةً لِكَوْنِ الْأَمْرِ فِي {وَآتُوهُمْ} [النور: 33] أَيْضًا لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ فَكَانَ احْتِمَالُ الْقُدْرَةِ ثَابِتًا، وَقَدْ دَلَّ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَيَثْبُتُ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: احْتِمَالُ الْقُدْرَةِ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ أَثْبَتُ، لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَأْمُورُونَ بِإِعَانَتِهِ، وَالطُّرُقُ مُتَّسَعَةٌ اسْتِدَانَةٌ وَاسْتِقْرَاضٌ وَاسْتِيهَابٌ وَاسْتِعَانَةٌ بِالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْعُشُورِ وَالصَّدَقَاتِ، وَقَدْ دَلَّ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَتَثْبُتُ انْتَهَى، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ. أَقُولُ: هَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ بِوَارِدٍ، لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّ احْتِمَالَ الْقُدْرَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَثْبَتُ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ فَلَيْسَ بِذَاكَ قَطْعًا، إذْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلْمِلْكِ قَبْلَ الْعَقْدِ قَطُّ، فَأَنَّى يَثْبُتُ لَهُ احْتِمَالُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَالِ قَبْلَهُ، فَإِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015