(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ إلَى الْبَصْرَةِ فَيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَذَهَبَ فَوَجَدَ بَعْضُهُمْ قَدْ مَاتَ فَجَاءَ بِمَنْ بَقِيَ فَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ بِقَدْرِهِ، وَمُرَادُهُ إذَا كَانُوا مَعْلُومِينَ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ بِكِتَابِهِ إلَى فُلَانٍ بِالْبَصْرَةِ وَيَجِيءَ بِجَوَابِهِ فَذَهَبَ فَوَجَدَ فُلَانًا مَيِّتًا فَرَدَّهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ الْأَجْرُ فِي الذَّهَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ دُونَ حَمْلِ الْكِتَابِ لِخِفَّةِ مُؤْنَتِهِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَقْلُ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ أَوْ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ وَهُوَ الْعِلْمُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِهِ وَقَدْ نَقَضَهُ فَيَسْقُطُ الْأَجْرُ كَمَا فِي الطَّعَامِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ (وَإِنْ تَرَكَ الْكِتَابَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَعَادَ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِالذَّهَابِ بِالْإِجْمَاعِ) ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَمْ يُنْتَقَضْ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ بِطَعَامٍ إلَى فُلَانٍ بِالْبَصْرَةِ فَذَهَبَ فَوَجَدَ فُلَانًا مَيِّتًا فَرَدَّهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) ؛ لِأَنَّهُ نَقَضَ تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ حَمْلُ الطَّعَامِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَاكَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ عَلَى مَا مَرَّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا) . قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: لَمَّا ذَكَرَ مُقَدَّمَاتِ الْإِجَارَةِ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَهُوَ بَيَانُ مَا يَجُوزُ مِنْ عُقُودِ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْهَا انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ نَوْعُ خَلَلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ