(وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ يَتَصَدَّقُ بِجِنْسِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِلْكِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ) وَيُرْوَى أَنَّهُ وَالْأَوَّلَ سَوَاءٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ. وَوَجْهُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ (وَيُقَالُ لَهُ أَمْسِكْ مَا تُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِكَ وَعِيَالِكَ إلَى أَنْ تَكْتَسِبَ، فَإِذَا اكْتَسَبَ مَالًا يَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْهِبَةِ إذَا كَانَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْحَالِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، ثُمَّ تَفْسِيرُ الْعُمْرَى أَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ لَكَ عُمُرَكَ فَإِذَا مِتَّ فَهِيَ رَدٌّ عَلَيَّ فَيَصِحُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَمْنَعُ أَصْلَ التَّمْلِيكِ. وَتَفْسِيرُ الْحَبِيسِ أَنْ يَقُولَ: هِيَ حَبِيسٌ عِنْدِي، فَإِنْ مِتَّ فَهِيَ لَكَ. وَتَفْسِيرُ الرُّقْبَى أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الدَّارُ لِآخِرِنَا مَوْتًا، وَهِيَ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرَاقِبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: أُرَاقِبُ مَوْتَكَ وَتُرَاقِبُ مَوْتِي فَإِنْ مِتَّ فَهِيَ لَكَ وَإِنْ مِتَّ فَهِيَ لِي فَهِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْحَالِ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ فَاضْمَحَلَّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ.

[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ]

(كِتَابُ الْإِجَارَاتِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ تَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ الْهِبَةُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ، وَقَدَّمَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ؛ وَلِأَنَّ فِي الْأُولَى عَدَمَ الْعِوَضِ، وَالْعَدَمُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوُجُودِ. ثُمَّ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ بِفَصْلِ الصَّدَقَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا يَقَعَانِ لَازِمَيْنِ فَلِذَلِكَ أَوْرَدَ كِتَابَ الْإِجَارَاتِ مُتَّصِلًا بِفَصْلِ الصَّدَقَةِ، كَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015