وَالْمُهَايَأَةُ تَلْزَمُهُ فِيمَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ، وَالْهِبَةُ لَاقَتْ الْعَيْنَ، وَالْوَصِيَّةُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْقَبْضُ، وَكَذَا الْبَيْعُ الصَّحِيحُ، وَأَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ فَالْقَبْضُ فِيهَا غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا عُقُودُ ضَمَانٍ فَتُنَاسِبُ لُزُومَ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ، وَالْقَرْضُ تَبَرُّعٌ مِنْ وَجْهٍ وَعَقْدُ ضَمَانٍ مِنْ وَجْهٍ، فَشَرَطْنَا الْقَبْضَ الْقَاصِرَ فِيهِ دُونَ الْقِسْمَةِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِيهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِسْمَةَ وَهُوَ الْمِلْكُ الْمُفْرَزُ.

هَذَا وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَى الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ بِوَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ: فِيهِ بَحْثٌ، فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ شَرِيكُهُ الْقِسْمَةَ لَا يَنْفَعُهُ إبَاؤُهُ، عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ هِبَتِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْلِ بَحْثِهِ وَعِلَاوَتِهِ سَاقِطٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ شَرِيكُهُ الْقِسْمَةَ لَا يَنْفَعُهُ إبَاؤُهُ إلَّا أَنَّ طَلَبَ شَرِيكِهِ إيَّاهَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ بَلْ مُحْتَمَلٌ، وَالْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ إنَّمَا يَقْتَضِي الرِّضَا بِمَا هُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ ذَلِكَ الْعَقْدِ وَلَوَازِمِهِ لَا بِمَا هُوَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ ذَلِكَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ عَنْ هِبَتِهِ ضَرَرًا آخَرَ لَهُ وَهُوَ حِرْمَانُهُ عَنْ ثَوَابِ الْهِبَةِ فَلَزِمَ أَنْ يَتَوَقَّفَ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ عَلَى ارْتِكَابِ ضَرَرٍ آخَرَ لِنَفْسِهِ، فَكَانَ فِي تَجْوِيزِ هِبَةِ الْمُشَاعِ إلْزَامُ الْوَاهِبِ أَحَدَ الضَّرَرَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَأَيْضًا هَلْ يُجَوِّزُ الْعَاقِلُ أَنْ يَكُونَ بِنَاءُ جَوَازِ هِبَةِ الْمَتَاعِ عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهَا وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ بِنَاءِ تَحَقُّقِ الشَّيْءِ عَلَى انْتِفَائِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَادِّ وَهِيَ الَّتِي تَحَقَّقَ فِيهَا الْمَوَانِعُ عَنْ الرُّجُوعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.

ثُمَّ أَقُولُ: بَقِيَ شَيْءٌ فِي أَصْلِ هَذَا التَّعْلِيلِ، وَهُوَ أَنَّ وَاهِبَ الْمُشَاعِ إمَّا أَنْ يَرْضَى بِالْقِسْمَةِ أَوْ يَمْتَنِعَ عَنْهَا، فَإِنْ رَضِيَ بِهَا كَانَ مُلْتَزِمًا إيَّاهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي إلْزَامِهِ مُؤْنَةَ الْقِسْمَةِ إلْزَامُهُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ عَنْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ مُؤْنَةُ الْقِسْمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْقِسْمَةِ عَلَى الطَّالِبِ دُونَ الْمُمْتَنِعِ عِنْدَهُ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يَتِمَّ هَذَا التَّعْلِيلُ عَلَى قَوْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُهَايَأَةُ تَلْزَمُهُ فِيمَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَالْهِبَةُ لَاقَتْ الْعَيْنَ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ فِيمَا لَا يُقْسَمُ مُؤْنَةُ الْقِسْمَةِ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْمُهَايَأَةُ، وَفِي إيجَابِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015