. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي بَابِ الصُّلْحِ فِي الْوَصَايَا؛ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلْثِهِ فَصَالَحَهُ الْوَارِثُ مِنْ خِدْمَتِهِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ، أَوْ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ آخَرَ، أَوْ عَلَى رُكُوبِ دَابَّةٍ، أَوْ عَلَى لُبْسِ ثَوْبٍ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ أَحَدٍ بِبَدَلٍ، وَلِهَذَا لَوْ آجَرَ مِنْهُمْ لَا يَصِحُّ، إِلَّا أَنَّا نَقُولُ: لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَمْلِيكِ إِيَّاهُمْ بِبَدَلٍ، بَلْ هُوَ إِسْقَاطُ حَقِّهِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِعَقْدِ الْوَصِيَّةِ بِبَدَلٍ، وَلَفْظَةُ الصُّلْحِ لِفَظَّةٌ تَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ وَتَحْتَمِلُ الْإِسْقَاطَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُهُ تَمْلِيكًا أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ إِسْقَاطًا فَصَحَّحْنَاهُ إِسْقَاطًا، وَهُوَ حَقٌّ مُعْتَبَرٌ يُوَازِي الْمِلْكَ فَاحْتَمَلَ التَّقْوِيمَ بِالشَّرْطِ، إِلَى هُنَا كَلَامُهُ.
فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا مِنْ أَحَدٍ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيلُ جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَكَذَا بِالصُّلْحِ، ثُمَّ أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمْلِيكِهِ الْمَنْفَعَةَ الْمُوصَى بِهَا حَقِيقَةً إِلَّا أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَمْلِيكِهَا حُكْمًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إِسْقَاطِهَا بِبَدَلٍ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ حَقٌّ مُعْتَبَرٌ يُوَازِي الْمِلْكَ فَاحْتَمَلَ التَّقْوِيمَ، فَمَعْنَى تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جِنْسَ الْمَنَافِعِ يُمْلَكُ حَقِيقَةً بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، كَمَا إِذَا آجَرَ مِلْكَهُ، فَكَذَا يُمْلَكُ حُكْمًا بِالصُّلْحِ، كَمَا إِذَا صَالَحَ عَنِ الْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا، فَعَلَى هَذَا يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ.
قَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَافِي: الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ بِأَنِ ادَّعَى فِي دَارٍ سُكْنَى سَنَةً وَصِيَّةً مِنْ رَبِّ الدَّارِ، فَجَحَدَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ فَصَالَحَهُ الْوَارِثُ عَلَى شَيْءٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا بِالْإِجَارَةِ فَكَذَا بِالصُّلْحِ، انْتَهَى. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا: وَنَقَلَ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِىُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِمَا بَيْنَ مَا نَقَلَ مِنَ الإسبيجابي وَالْكَافِي مِنَ الْمُخَالَفَةِ، وَلَعَلَّ فِي جَوَازِ الْإِجَارَةِ رِوَايَتَيْنِ، فَلْيَتَأَمَّلْ، انْتَهَى.
أَقُولُ: الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْفَهْمِ لَا فِي الْمُفْهِمِ؛ لِأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْكَافِي هُوَ أَنَّهُ جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ جِنْسِ الْمَنَافِعِ بِالْإِجَارَةِ، كَمَا إِذَا آجَرَ مِلْكَهُ، فَكَذَا جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ بِالصُّلْحِ، كَمَا إِذَا صَالَحَ عَنِ الْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا كَسُكْنَى دَارٍ سَنَةً مَثَلًا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ كَمَا جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ مَنْفَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، هِيَ سُكْنَى دَارٍ مَثَلًا وَصِيَّةً مِنْ رَبِّ الدَّارِ بِالْإِجَارَةِ، كَذَلِكَ جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِالصُّلْحِ عَنْهَا حَتَّى تَلْزَمَ الْمُخَالَفَةُ، ثُمَّ أَقُولُ: بَقِيَ هَاهُنَا كَلَامٌ، وَهُوَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلْثِهِ فَصَالَحَهُ الْوَارِثُ مِنْ خَدَمْتِهِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ أَوْ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ آخَرَ أَوْ عَلَى رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ عَلَى لُبْسِ ثَوْبٍ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنِ الْمُغْنِي مِنْ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ