اعْتِبَارًا لِلتَّوْكِيلِ السَّابِقِ كَالْعَبْدِ يُتَّهَبُ وَيُصْطَادُ هُوَ الصَّحِيحُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمُوَكِّلِ فَكَذَا تَوَابِعُهُ. تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً، لَكِنْ لَا أَصَالَةَ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ تَوَابِعُهُ أَيْضًا بَلْ خِلَافَةٌ عَنْ الْوَكِيلِ، وَمَعْنَى الْخِلَافِ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً وَيَنْعَقِدَ السَّبَبُ مُوجِبًا حُكْمَهُ لِلْوَكِيلِ فَكَانَ الْمُوَكِّلُ قَائِمًا مَقَامَ الْوَكِيلِ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ (اعْتِبَارًا لِلتَّوْكِيلِ السَّابِقِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ خَلَفٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ اسْتِفَادَةِ التَّصَرُّفِ وَالْمُوَكِّلَ خَلَفٌ عَنْ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْمِلْكِ (كَالْعَبْدِ يُتَّهَبُ وَيُصْطَادُ) فَإِنَّهُ إذَا اُتُّهِبَ: أَيْ قَبِلَ الْهِبَةَ وَاصْطَادَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْلَى ابْتِدَاءً خِلَافَةً عَنْ الْعَبْدِ، فَإِنْ وَلَّاهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْمِلْكِ بِذَلِكَ السَّبَبِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ.
وَتَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ جِهَتَيْنِ: جِهَةُ حُصُولِهِ بِعِبَارَتِهِ وَجِهَةُ نِيَابَتِهِ، وَإِعْمَالُهُمَا وَلَوْ بِوَجْهٍ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ أَحَدِهِمَا، فَلَوْ أَثْبَتْنَا الْمِلْكَ وَالْحُقُوقَ لِلْوَكِيلِ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ لِحُصُولِهِمَا بِعِبَارَتِهِمْ وَأَهْلِيَّتِهِ بَطَلَ تَوْكِيلُ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ أَثْبَتْنَاهُمَا لِلْمُوَكِّلِ بَطَلَ عِبَارَةُ الْوَكِيلِ. فَأَثْبَتْنَا الْمِلْكَ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ التَّوْكِيلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ اعْتِبَارًا لِلتَّوْكِيلِ السَّابِقِ فَتُعَيَّنُ الْحُقُوقُ لِلْوَكِيلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ لِغَيْرِ مَنْ انْعَقَدَ لَهُ السَّبَبُ كَالْعَبْدِ يَقْبَلُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَيَصْطَادُ فَإِنَّ مَوْلَاهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْمِلْكِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمِلْكَ طَرِيقَةُ أَبِي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: قَوْلُ أَبِي طَاهِرٍ أَصَحُّ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ (هُوَ الصَّحِيحُ) وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ طَرِيقَةِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَهِيَ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ أَوَّلًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِلَيْهَا ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهِيَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ كَمَا ذُكِرَ فِي التَّحْرِيرِ، وَإِنَّمَا قَالَ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى مَنْكُوحَتَهُ أَوْ قَرِيبَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْمِلْكُ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَجَوَابُهُ أَنَّ نُفُوذَ الْعِتْقِ يَحْتَاجُ إلَى مِلْكٍ مُسْتَقِرٍّ دَائِمٍ وَمِلْكُ الْوَكِيلِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلَا دَائِمٍ فِيهِ بَلْ يَزُولُ عَنْهُ فِي ثَانِي الْحَالِ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِاعْتِبَارِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ.
قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ حُرَّةً عَلَى رَقَبَتِهَا فَأَجَازَ مَوْلَاهَا فَإِنَّهُ تَصِيرُ الْأَمَةُ مَهْرًا لِلْحُرَّةِ وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَإِنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلزَّوْجِ فِيهَا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ حَيْثُ يَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى الْحُرَّةِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْجَوَابِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ إطْلَاقَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ انْتَهَى. أَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا النَّظَرِ