. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عَجْزًا عَنْهُ. وَالْوَكَالَةُ أَبَدًا إمَّا لِلْعَجْزِ أَوْ لِلتَّرَفُّهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لِلضَّعْفِ، وَلِذَا كَانَ مَعْنَى الْوَكِلِ مَنْ فِيهِ ضَعْفٌ، وَفُسِّرَ قَوْلُ لَبِيدٍ:

وَكَأَنِّي مُلْجِمٌ سَوْذَانِقًا ... أَجْدَلِيًّا كَرُّهُ غَيْرُ وَكِلْ

وَالسَّوْذَانِقُ وَالسَّوْذَقُ وَالسَّوْذَنِيقُ: الشَّاهِينُ، وَالْأَجْدَلُ: الصَّقْرُ نَسَبَ فَرَسَهُ إلَيْهِ وَوَكَّلَهُ جَعَلَهُ وَكِيلًا: أَيْ مُفَوَّضًا إلَيْهِ الْأَمْرُ، وَمِنْهُ وَكَلَ أَمْرَهُ إلَى فُلَانٍ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:

فَلَأْيًا قَصَرْت الطَّرَفَ عَنْهُمْ بِحُرَّةِ ... أَمُونٍ إذَا وَاكَلْتُهَا لَا تَوَاكَلُ

يَعْنِي إذَا فَوَّضْت أَمْرَهَا إلَيْهَا لَا تُوَكِّلُ نَفْسَهَا إلَى أَنْ أَحُثَّهَا عَلَى السَّيْرِ بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى جَدِّهَا فِي السَّيْرِ وَلَا تَضْعُفُ فِيهِ، أَوْ تَوَكَّلُ قَبْلَ الْوَكَالَةِ وَاتَّكَلْت عَلَيْهِ اعْتَمَدْت وَأَصْلُهُ وَاتَّكَلْت قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا ثُمَّ أُبْدِلَتْ تَاءً فَأُدْغِمَتْ فِي تَاءِ الِافْتِعَالِ.

وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَهُوَ الْقَائِمُ بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ: أَيْ مَوْكُولٌ إلَيْهِ الْأَمْرُ، فَإِذَا كَانَ قَوِيًّا عَلَى الْأَمْرِ قَادِرًا عَلَيْهِ نَصُوحًا تَمَّ أَمْرُ الْمُوَكِّلِ، فَإِذَا رَضِيَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْك وَاعْتَمَدْت عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ الْحِرْمَانُ الْعَظِيمُ، فَكَيْفَ إذَا أَوْجَبَهُ عَلَيْك لِتَحَقُّقِ مَصْلَحَتِك فَضْلًا مِنْهُ.

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا} [المزمل: 9] وَعَلَى هَذَا اسْتِمْرَارُ إحْسَانِهِ وَبِرِّهِ لَا إلَهَ غَيْرُهُ. وَأَمَّا شَرْعًا فَالتَّوْكِيلُ إقَامَةُ الْإِنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَهُ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ مَعْلُومًا ثَبَتَ بِهِ أَدْنَى تَصَرُّفَاتِ الْوَكِيلِ وَهُوَ الْحِفْظُ فَقَطْ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ وَكَّلْتُك بِمَالِي: إنَّهُ يَمْلِكُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْحِفْظَ فَقَطْ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ: إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْتَ وَكِيلٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ وَكِيلًا بِالْحِفْظِ

وَأَمَّا سَبَبُهَا فَدَفْعُ الْحَاجَةِ الْمُتَحَقِّقَةِ إلَيْهَا كَمَا سَيَظْهَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

وَأَمَّا رُكْنُهَا فَالْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ الَّتِي بِهَا تَثْبُتُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَّلْتُك بِبَيْعِ هَذَا أَوْ شِرَائِهِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِقَبُولِ الْمُخَاطَبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فِيمَا إذَا سَكَتَ فَلَمْ يَقْبَلْ أَوْ يَرُدَّ ثُمَّ عَمِلَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَيَظْهَرُ بِالْعَمَلِ قَبُولُهُ. وَرَوَى بِشْرُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَحْبَبْت أَنْ تَبِيعَ عَبْدِي هَذَا أَوْ قَالَ هَوَيْت أَوْ رَضِيت أَوْ وَافِقْنِي أَوْ شِئْت أَوْ أَرَدْت أَوْ وَدِدْت وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ تَوْكِيلٌ. وَلَوْ قَالَ لَا أَنْهَاك عَنْ طَلَاقِ زَوْجَتِي لَا يَكُونُ تَوْكِيلًا، فَلَوْ طَلَّقَ لَا يَقَعُ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَا أَنْهَاك عَنْ التِّجَارَةِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا.

وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الْجَوَابُ فِي الْوَكَالَةِ كَذَلِكَ، أَمَّا فِي الْإِذْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا لِأَنَّ الْعَبْدَ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا وَهَذَا فَوْقَ السُّكُوتِ، ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا أَنْهَاك فِي حَالِ عَدَمِ مُبَاشَرَةِ الْعَبْدِ الْبَيْعَ فَوْقَ سُكُوتِهِ إذَا رَآهُ يَبِيعُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَحْبُوبِيِّ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ بِالْحِفْظِ، قَالُوا: فَلَوْ زَادَ فَقَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ صُنْعَك أَوْ أَمْرَك؛ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي الْبِيَاعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ حَتَّى مَلَكَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَقَطْ، وَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ. وَفِي فَتَاوَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلَّقْت امْرَأَتَك وَوَقَفْت أَرْضَك الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.

وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي. وَلَوْ قَالَ فَوَّضْت أَمْرَ مَالِي إلَيْك يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْحِفْظِ فَقَطْ، وَكَذَا فَوَّضْت أَمْرِي إلَيْك الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِثْلُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015