لِأَنَّهَا تَأَيَّدَتْ بِمُؤَيِّدٍ إذْ الْبَكَارَةُ أَصْلٌ، وَكَذَا فِي رَدِّ الْمَبِيعَةِ إذَا اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ، فَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا ثَيِّبٌ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لِيَنْضَمَّ نُكُولُهُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَالْعَيْبُ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ، وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَقِّ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطْلُعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ إلَّا فِي حَقِّ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ. وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْإِرْثِ أَيْضًا لِأَنَّهُ صَوْتٌ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَلَا يَحْضُرُهَا الرِّجَالُ عَادَةً فَصَارَ كَشَهَادَتِهِنَّ عَلَى نَفْسِ الْوِلَادَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ شَهِدَ بِالْوِلَادَةِ رَجُلٌ فَقَالَ فَاجَأْتهَا فَاتَّفَقَ نَظَرِي إلَيْهَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَلَوْ قَالَ تَعَمَّدْت النَّظَرَ لَا تُقْبَلُ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنْ قَالَ تَعَمَّدْت النَّظَرَ تُقْبَلُ أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَأَمَّا حُكْمُ الْبَكَارَةِ، فَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا بِكْرٌ يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً فَإِذَا مَضَتْ فَقَالَ وَصَلْت إلَيْهَا فَأَنْكَرَتْ تَرَى النِّسَاءُ، فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ تُخَيَّرُ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ فُرِّقَ لِلْحَالِ، وَإِنَّمَا فُرِّقَ بِقَوْلِهِنَّ لِأَنَّهَا تَأَيَّدَتْ بِمُؤَيِّدٍ وَهُوَ مُوَافَقَةُ الْأَصْلِ، إذْ الْبَكَارَةُ أَصْلٌ، وَلَوْ لَمْ تَتَأَيَّدْ شَهَادَتُهُنَّ بِمُؤَيِّدٍ اُعْتُبِرَتْ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ لَا فِي إلْزَامِ الْخَصْمِ، وَكَذَا فِي رَدِّ الْمَبِيعِ إذَا اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هِيَ ثَيِّبٌ يُرِيهَا النِّسَاءَ، فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ لِتَأَيُّدِ شَهَادَتِهِنَّ بِمُؤَيِّدٍ هُوَ الْأَصْلُ، وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الْفَسْخِ لِأَنَّ حَقَّ الْفَسْخِ قَوِيٌّ وَشَهَادَتُهُنَّ ضَعِيفَةٌ وَلَمْ تَتَأَيَّدْ بِمُؤَيِّدٍ لَكِنْ ثَبَتَ حَقُّ الْخُصُومَةِ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ لَقَدْ سَلَّمْتهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ وَهِيَ بِكْرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا حَلَفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ بِعْتهَا وَهِيَ بِكْرٌ، فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ، وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فَتُقْبَلُ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ.
وَأَمَّا فِي حَقِّ الْإِرْثِ فَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَالَ صَوْتٌ مَسْمُوعٌ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ فَكَانَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، بِخِلَافِ الْوِلَادَةِ فَإِنَّهَا انْفِصَالُ الْوَلَدِ مِنْ الْأُمِّ فَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ