لِلْجَانِبَيْنِ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَيْسَرُ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمِ فُلُوسٍ جَازَ وَعَلَيْهِ مَا يُبَاعُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ مِنْ الْفُلُوسِ) وَكَذَا إذَا قَالَ بِدَانِقِ فُلُوسٍ أَوْ بِقِيرَاطِ فُلُوسٍ جَازَ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِالْفُلُوسِ وَأَنَّهَا تُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ لَا بِالدَّانِقِ وَالدِّرْهَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ عَدَدِهَا، وَنَحْنُ نَقُولُ: مَا يُبَاعُ بِالدَّانِقِ وَنِصْفُ الدِّرْهَمِ مِنْ الْفُلُوسِ مَعْلُومٌ عِنْدَ النَّاسِ وَالْكَلَامُ فِيهِ فَأَغْنَى عَنْ بَيَانِ الْعَدَدِ. وَلَوْ قَالَ بِدِرْهَمِ فُلُوسٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْ فُلُوسٍ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ مَا يُبَاعُ بِالدِّرْهَمِ مِنْ الْفُلُوسِ مَعْلُومٌ وَهُوَ الْمُرَادُ لَا وَزْنُ الدِّرْهَمِ مِنْ الْفُلُوسِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالدِّرْهَمِ وَيَجُوزُ فِيمَا دُونَ الدِّرْهَمِ، لِأَنَّ فِي الْعَادَةِ الْمُبَايَعَةَ بِالْفُلُوسِ فِيمَا دُونَ الدِّرْهَمِ فَصَارَ مَعْلُومًا بِحُكْمِ الْعَادَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الدِّرْهَمُ قَالُوا: وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَصَحُّ لَا سِيَّمَا فِي دِيَارِنَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ) فَاكِهَةً أَوْ غَيْرَهَا بِأَنْ قَالَ مَثَلًا لِبَائِعِ سِلْعَةٍ اشْتَرَيْتهَا مِنْك بِنِصْفِ دِرْهَمِ فُلُوسٍ فَقَالَ بِعْتُك (انْعَقَدَ مُوجِبًا لِدَفْعِ مَا يُبَاعُ مِنْ الْفُلُوسِ بِنِصْفِ دِرْهَمِ فِضَّةٍ، وَكَذَا إذَا قَالَ بِدَانِقٍ مِنْ الْفُلُوسِ) وَهُوَ سُدُسُ دِرْهَمٍ (أَوْ بِقِيرَاطٍ) وَهُوَ نِصْفُ السُّدُسِ (وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِالْفُلُوسِ وَهِيَ تُقَدَّرُ بِالْعَدِّ لَا بِالدَّانِقِ وَالدِّرْهَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ عَدَدِهَا) وَإِلَّا فَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الدَّانِقِ وَالدِّرْهَمِ ثُمَّ شَرَطَ إيفَاءَهُ مِنْ الْفُلُوسِ وَهُوَ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ.
فَإِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ شَرَطَ أَنْ يُعْطِيَ بِنِصْفِ الدِّرْهَمِ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ فُلُوسًا وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ بِالدَّانِقِ فُلُوسًا، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ مَا يُبَاعُ بِالدَّانِقِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفُلُوسِ مَعْلُومٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِنِصْفِ دِرْهَمِ فُلُوسٍ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ نِصْفَ الدِّرْهَمِ ثُمَّ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ فُلُوسٌ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُبَاعُ بِهِ مِنْ الْفُلُوسِ وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ النَّاسِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْعَدِّ بِخُصُوصِهِ، وَإِذَا صَارَ كِنَايَةً عَمَّا يُبَاعُ بِنِصْفٍ وَرُبُعِ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْ جَهَالَةُ الثَّمَنِ وَلَا صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ حِينَئِذٍ مِنْ الِابْتِدَاءِ مَا يُبَاعُ مِنْ الْفُلُوسِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ (وَلَوْ قَالَ بِدِرْهَمِ فُلُوسٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ إلَّا فِيمَا دُونَ الدِّرْهَمِ، لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ فِي الْعَادَةِ فِي الْفُلُوسِ فِيمَا دُونَ الدِّرْهَمِ فَيَصِيرُ مَعْلُومًا بِحُكْمِ الْعَادَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الدِّرْهَمُ. قَالُوا: وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَصَحُّ وَلَا سِيَّمَا فِي دِيَارِنَا) أَيْ الْمُدُنِ الَّتِي وَرَاءَ النَّهْرِ فَإِنَّهُمْ يَشْتَرُونَ الْفُلُوسَ بِالدَّرَاهِمِ، وَلِأَنَّ الْمَدَارَ هُوَ الْعِلْمُ بِمَا يُبَاعُ بِالدِّرْهَمِ مِنْ الْفُلُوسِ مَعَ وُجُوبِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَالدَّرَاهِمِ فَضْلًا عَنْ الدِّرْهَمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَبْسُوطِ خِلَافَ مُحَمَّدٍ وَالْمَذْكُورُ مِنْ خِلَافِهِ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سِيَّمَا بِغَيْرِ لَا وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ لَمْ يَثْبُتْ فِي كَلَامِ مَنْ يَحْتَجُّ بِكَلَامِهِ فِي اللُّغَةِ وَفِي بَعْضِهَا