قَالَ (وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ) لِأَنَّهَا مَالٌ مَعْلُومٌ، فَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً جَازَ الْبَيْعُ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ بِالِاصْطِلَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ بِهَا حَتَّى يُعَيِّنَهَا لِأَنَّهَا سِلَعٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا (وَإِذَا بَاعَ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لَهُمَا) وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَيُطَالَبُ بِالنَّقْدِ بِذَلِكَ الْعِيَارِ الَّذِي كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْبَيْعِ بِالرُّطَبِ أَنَّ الرُّطَبَ مَرْجُوُّ الْوُصُولِ فِي الْعَامِ الثَّانِي غَالِبًا فَكَانَ لَهُ مَظِنَّةٌ يَغْلِبُ ظَنُّ وُجُودِهِ عِنْدَهَا، بِخِلَافِ الْكَسَادِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَظِنَّةٌ مُحَقَّقَةُ الْوُجُودِ فِي زَمَنٍ خَاصٍّ يُرْجَى فِيهَا بَلْ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْعَوْدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي غَالِبِيَّةِ الْغِشِّ الْكَسَادُ وَعَدَمُ الثَّمَنِيَّةِ، وَالشَّيْءُ إذَا رَجَعَ إلَى أَصْلِهِ قَلَّمَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ: دَلَّالٌ بَاعَ مَتَاعَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَوْفَاهَا فَكَسَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ) لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ (فَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ) بَلْ لَوْ عُيِّنَتْ لَا تَتَعَيَّنُ وَلِلْعَاقِدِ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَ مَا عَيَّنَ (لِأَنَّهَا) حِينَئِذٍ (أَثْمَانٌ) كَالدَّرَاهِمِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَيَجُوزُ، وَلَوْ اُسْتُبْدِلَ بِهَا جَازَ، وَلَوْ بَاعَ فَلْسًا بِفَلْسَيْنِ يَجُوزُ عَلَى مَا سَلَفَ فِي بَابِ الرِّبَا؛ وَلَوْ بَاعَ فَلْسًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفُلُوسَ الرَّائِجَةَ أَمْثَالٌ مُتَسَاوِيَةٌ وَضْعًا لِاصْطِلَاحِ النَّاسِ عَلَى سُقُوطِ قِيمَةِ الْجَوْدَةِ فَيَكُونُ رِبًا، وَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً فَهِيَ مَبِيعَةٌ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ (وَإِذَا بَاعَ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ ثُمَّ كَسَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ) أَيْ فِي الدَّرَاهِمِ الْغَالِبَةِ الْغِشِّ يَبْطُلُ الْبَيْعُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا، ثُمَّ تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ الْخِلَافَ.

وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَسْرَارِ الْبُطْلَانُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ سِوَى خِلَافِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. اسْتَدَلَّ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ انْقِطَاعِ الرُّطَبِ الْمُشْتَرَى بِهِ وَإِبَاقِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَتَخْمِيرِ الْعَصِيرِ الْمُشْتَرَى قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَبْطُلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015