وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَمْ يُفْتُوا بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الْعَدَالَى وَالْغَطَارِفَةِ لِأَنَّهَا أَعَزُّ الْأَمْوَالِ فِي دِيَارِنَا، فَلَوْ أُبِيحَ التَّفَاضُلُ فِيهِ يَنْفَتِحُ بَابُ الرِّبَا، ثُمَّ إنْ كَانَتْ تَرُوجُ بِالْوَزْنِ فَالتَّبَايُعُ وَالِاسْتِقْرَاضُ فِيهَا بِالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ بِالْعَدِّ فَبِالْعَدِّ، وَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ بِهِمَا فَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمُعْتَادُ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نَصٌّ، ثُمَّ هِيَ مَا دَامَتْ تَرُوجُ تَكُونُ أَثْمَانًا لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَإِذَا كَانَتْ لَا تَرُوجُ فَهِيَ سِلْعَةٌ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَإِذَا كَانَتْ يَتَقَبَّلُهَا الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فَهِيَ كَالزُّيُوفِ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQغَالِبَةِ الْغِشِّ، بَلْ إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ الْمَغْلُوبَةُ بِحَيْثُ تَتَخَلَّصُ مِنْ النُّحَاسِ إذَا أُرِيدَ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَتَخَلَّصُ لِقِلَّتِهَا بَلْ تَحْتَرِقُ لَا عِبْرَةَ بِهَا أَصْلًا بَلْ تَكُونُ كَالْمُمَوَّهَةِ لَا تُعْتَبَرُ وَلَا يُرَاعَى فِيهَا شَرَائِطُ الصَّرْفِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَاللَّوْنِ وَقَدْ كَانَ فِي أَوَائِلِ قَرْنِ سَبْعِمِائَةٍ فِي فِضَّةِ دِمَشْقَ قَرِيبٌ مَعَ ذَلِكَ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَ) مَعَ هَذَا مَشَايِخُنَا يَعْنِي مَشَايِخَ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ مِنْ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ (لَمْ يُفْتُوا بِجَوَازِ ذَلِكَ) أَيْ بَيْعِهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا (فِي الْعَدَالَى وَالْغَطَارِفَةِ) مَعَ أَنَّ الْغِشَّ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ الْفِضَّةِ (لِأَنَّهَا أَعَزُّ الْأَمْوَالِ فِي دِيَارِنَا، فَلَوْ أُبِيحَ التَّفَاضُلُ فِيهَا يَنْفَتِحُ بَابُ الرِّبَا) الصَّرِيحِ، فَإِنَّ النَّاسَ حِينَئِذٍ يَعْتَادُونَ التَّفَاضُلَ فِي الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ فَيَدْرُجُونَ إلَى ذَلِكَ فِي النُّقُودِ الْخَالِصَةِ فَمُنِعَ ذَلِكَ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ.

وَالْغَطَارِفَةُ دَرَاهِمُ مَنْسُوبَةٌ إلَى غِطْرِيفِ بْنِ عَطَاءٍ الْكِنْدِيِّ أَمِيرِ خُرَاسَانَ أَيَّامَ الرَّشِيدِ، وَقِيلَ: هُوَ خَالُ الرَّشِيدِ (ثُمَّ إنْ كَانَتْ) هَذِهِ الدَّرَاهِمُ الَّتِي غَلَبَ غِشُّهَا (تَرُوجُ بِالْوَزْنِ فَالْبَيْعُ بِهَا وَالِاسْتِقْرَاضُ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا تَرُوجُ بِالْعَدِّ فَالْبَيْعُ بِهَا وَالِاسْتِقْرَاضُ لَهَا بِالْعَدِّ) لَيْسَ غَيْرُ (وَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ بِهِمَا فَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمُعْتَادُ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَصٌّ) عَلَى مَا عُرِفَ فِي الرِّبَا (وَمَا دَامَتْ تَرُوجُ فَهِيَ أَثْمَانٌ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ) وَلَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ رَائِجَةٍ فَهِيَ سِلْعَةٌ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَهَذَا إذَا كَانَا يَعْلَمَانِ بِحَالِهَا وَيَعْلَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ، فَإِنْ كَانَا لَا يَعْلَمَانِ أَوْ لَا يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا أَوْ يَعْلَمَانِ وَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ الرَّائِجَةِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَا بِالْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَا تَرُوجُ، وَإِنْ كَانَ يَقْبَلُهَا الْبَعْضُ وَيَرُدُّهَا الْبَعْضُ فَهِيَ فِي حُكْمِ الزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ، فَيَتَعَلَّقُ الْبَيْعُ بِجِنْسِهَا لَا بِعَيْنِهَا كَمَا هُوَ فِي الرَّائِجَةِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ خَاصَّةً ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ وَأَدْرَجَ نَفْسَهُ فِي الْبَعْضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015