قَالَ (وَمَنْ بَاعَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ جَازَ الْبَيْعُ وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ بِمِثْلِهَا وَالدِّينَارُ بِدِرْهَمٍ) لِأَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ فِي الدَّرَاهِمِ التَّمَاثُلُ عَلَى مَا رُوِّينَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ ذَلِكَ فَبَقِيَ الدِّرْهَمُ بِالدِّينَارِ وَهُمَا جِنْسَانِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي فِيهِمَا.

(وَلَوْ تَبَايَعَا فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَأَحَدُهُمَا أَقَلُّ وَمَعَ أَقَلِّهِمَا شَيْءٌ آخَرُ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ بَاقِي الْفِضَّةِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَمَعَ الْكَرَاهَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ كَالتُّرَابِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ) لِتَحَقُّقِ الرِّبَا إذْ الزِّيَادَةُ لَا يُقَابِلُهَا عِوَضٌ فَيَكُونُ رِبًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورَةِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلِي هَذِهِ وَهِيَ (قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ جَازَ الْبَيْعُ) وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ بِمِثْلِهَا وَالدِّينَارُ بِدِرْهَمِ لِأَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ فِي الدَّرَاهِمِ التَّمَاثُلُ وَهُوَ بِذَلِكَ فَيَبْقَى الدِّرْهَمُ بِالدِّينَارِ وَهُمَا جِنْسَانِ لَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ فَرَّعَ الْمُصَنِّفُ فَرْعًا بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْبِيَاعَاتِ وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً فِي الْحُكْمِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ فَقَالَ (وَلَوْ تَبَايَعَا فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ) يَعْنِي وَأَحَدُهُمَا أَقَلُّ مِنْ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ مَعَ الْأَقَلِّ شَيْئًا آخَرَ كَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ قَدْرَ الزِّيَادَةِ فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ أَوْ أَقَلَّ بِقَدْرٍ يُتَغَابَنُ فِيهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ جَائِزٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَأَنْ يَضَعَ مَعَهُ كَفًّا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ فَلْسَيْنِ.

وَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ تَجِدُهُ فِي قَلْبِك؟ قَالَ: مِثْلَ الْجَبَلِ.

وَلَمْ تُرْوَ الْكَرَاهَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ صَرَّحَ فِي الْإِيضَاحِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَإِنَّمَا كَرِهَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَلِفَ النَّاسُ التَّفَاضُلَ وَاسْتَعْمَلُوهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ، وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا. وَقِيلَ: إنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُمَا بَاشَرَا الْحِيلَةَ لِسُقُوطِ الرِّبَا كَبَيْعِ الْعِينَةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِهَذَا. وَأُورِدَ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا كَانَ الْبَيْعُ فِي مَسْأَلَةِ الدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّينَارِ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْخِلَافِيَّةُ مَكْرُوهًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْكَرَاهَةَ هُنَاكَ لِأَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّائِدُ دِينَارًا بِمُقَابَلَةِ الدِّرْهَمِ وَقِيمَةُ الدِّينَارِ تَبْلُغُ الدِّرْهَمَ وَتَزِيدُ وَحِينَئِذٍ لَا كَرَاهَةَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ، وَكَمَا أَنَّ قِيمَةَ الدِّينَارِ تَبْلُغُ وَتَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الدِّرْهَمِ فَالدِّرْهَمُ لَا تَبْلُغُ قِيمَةُ قِيمَتِهِ الدِّينَارَ وَلَا تَنْقُصُ بِقَدْرٍ يُتَغَابَنُ فِيهِ، فَالْعَقْدُ مَكْرُوهٌ بِالنَّظَرِ إلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ.

وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي جِهَةِ الْكَرَاهَةِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ هُنَاكَ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَصْلًا كُلِّيًّا يُفِيدُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا إذَا ضَمَّ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَكَفٍّ مِنْ تُرَابٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ الزِّيَادَةَ مَالٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015