صَرْفُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَلْفِ إلَى الْمُشْتَرِي. وَفِي الثَّالِثَةِ أُضِيفَ الْبَيْعُ إلَى الْمُنَكَّرِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْبَيْعِ وَالْمُعَيَّنُ ضِدُّهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَصْحِيحِهِ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدِي فِي التَّعْلِيلِ أَنَّا تَعَبَّدْنَا بِالْمُمَاثَلَةِ تَحْقِيقًا وَهُنَا لَمْ تَتَحَقَّقْ فَيَفْسُدُ لِلْعَقْدِ.
قَالَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ: وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ: تَعَبَّدْنَا بِتَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِيمَا إذَا تَمَحَّضَتْ مُقَابَلَةُ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ أَمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
فَإِنْ قُلْت: الثَّانِي مَمْنُوعٌ، وَإِنْ قُلْت الْأَوَّلُ فَمُسَلَّمٌ، وَلَيْسَ صُورَةَ الْخِلَافِيَّةِ، انْتَهَى بِبَعْضِ تَغْيِيرٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ مُقَابَلَةِ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ وَالْجُزْءِ الشَّائِعِ بِالشَّائِعِ لَا يَقْتَضِي الرِّبَا وَالْفَسَادَ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِيهِ لَوْ كَانَ التَّفَاضُلُ لَازِمًا حَقِيقَةً، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا قُوبِلَ مُعَيَّنٌ بِمُعَيَّنٍ وَتَفَاضَلَا، وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ فِي التَّصْحِيحِ إلَى التَّوْزِيعِ وَصُرِفَ كُلٌّ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ عَيْنًا، لَكِنَّ الْأَصْحَابَ اقْتَحَمُوهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِيٍّ إجْمَاعِيٍّ، وَهُوَ أَنَّ مَهْمَا أَمْكَنَ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِ الْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ يَرْتَكِبُ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ، وَلِهَذَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْمَجَازِ وَتُتْرَكُ حَقِيقَتُهُ إذَا كَانَ لَا يَصِحُّ عَلَى تَقْدِيرِهِ، وَيُدْرَجُ فِي كَلَامِهِ زِيَادَةٌ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا إذَا كَانَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِذَلِكَ، كَأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى أَنَّ الْمُقَابَلَةَ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ إنْ لَمْ تَقْتَضِ حَقِيقَةَ الرِّبَا اسْتَلْزَمَ شُبْهَةً، وَشُبْهَةُ الرِّبَا مُعْتَبَرَةٌ كَحَقِيقَةٍ؛ فَقَالُوا: الْعَقْدُ كَذَلِكَ إنَّمَا يَقْتَضِي مُطْلَقَ الْمُقَابَلَةِ لَا مُقَابَلَةَ الْكُلِّ بِالْكُلِّ وَلَا الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الِاقْتِضَاءِ يَحْتَمِلُ مُقَابَلَةَ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ وَهُوَ الْجِنْسُ الْمُعَيَّنُ هُنَا بِجِنْسٍ مُعَيَّنٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْت هَذَيْنِ الدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّينَارَ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الدِّرْهَمَيْنِ بِالدِّينَارَيْنِ وَالدِّينَارَ بِالدِّرْهَمِ صَحَّ وَهُوَ طَرِيقٌ مُتَعَيَّنٌ لِلتَّصْحِيحِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ تَغْيِيرُ وَصْفِ الْعَقْدِ كَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ مُقَابَلَةُ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ شَائِعًا لَا أَصْلُهُ لِأَنَّهُ يَبْقَى مُوجِبُهُ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْكُلِّ بِمُقَابَلَةِ الْكُلِّ وَصَارَ كَمَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ فِيمَا إذَا بَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ، بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّ عَدَمَ الصَّرْفِ فِيهَا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ وَالتَّعْيِينِ.
أَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُرَابَحَةِ فَعَدَمُ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ أَصْلُ الْعَقْدِ إذْ يَصِيرُ تَوْلِيَةً فِي الْقَلْبِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ حَمْلِ الْمُثَنَّى عَلَى الْوَاحِدِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّوْقِ وَالْجَارِيَةِ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ بِعْتهمَا بِعِشْرِينَ مُرَابَحَةً فِيهِمَا بِعَشَرَةٍ أَنْ يُحْمَلَ فِيهِمَا عَلَى أَحَدِهِمَا: يَعْنِي الثَّوْبَ، كَمَا حُمِلَ قَوْلُهُ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ مِنْ ثَمَنِهِمَا عَلَى ثَمَنِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الطَّوْقُ وَكَوْنُ الطَّوْقِ لَمْ يَصِرْ مُرَابَحَةً لَا يَضُرُّ إذْ يَصْدُقُ أَنَّ الْعَقْدَ مُرَابَحَةٌ بِثُبُوتِ الرِّبْحِ فِي بَعْضِ مَبِيعَاتِ الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ عَبْدًا اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ مَعَ عَبْدٍ آخَرَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ طَرِيقُ تَصْحِيحِهِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ أَنْ يَكُونَ بِصَرْفِ الْخَمْسِمِائَةِ إلَى الْعَبْدِ الْآخَرِ فَيَكُونُ بَائِعًا مَا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ كَمَا يَكُونُ بِذَلِكَ يَكُونُ بِصَرْفِ أَكْثَرَ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ بِدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَى الْعَبْدِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ بَائِعًا