(فَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْحِلْيَةِ) لِأَنَّهُ صُرِفَ فِيهَا (وَكَذَا فِي السَّيْفِ إنْ كَانَ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ بِدُونِ الضَّرَرِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ كَالْجِذْعِ فِي السَّقْفِ (وَإِنْ كَانَ يَتَخَلَّصُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي السَّيْفِ وَبَطَلَ فِي الْحِلْيَةِ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فَصَارَ كَالطَّوْقِ وَالْجَارِيَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ الْمُفْرَدَةُ أَزْيَدَ مِمَّا فِيهِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لَا يَدْرِي لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لِلرِّبَا أَوْ لِاحْتِمَالِهِ، وَجِهَةُ الصِّحَّةِ مِنْ وَجْهٍ وَجِهَةُ الْفَسَادِ مِنْ وَجْهَيْنِ فَتَرَجَّحَتْ. .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] وَإِنَّمَا الرُّسُلُ مِنْ الْإِنْسِ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ، وَقَالَ تَعَالَى {نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف: 61] وَإِنَّمَا نَسِيَهُ فَتَى مُوسَى.
«وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَابْنِ عَمٍّ لَهُ: إذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا» وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ تَعَالَى {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89] وَالْمُرَادُ دَعْوَةُ مُوسَى، إلَّا أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ هَارُونَ كَانَ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ، فَإِذَا صَحَّ الِاسْتِعْمَالُ وَكَثُرَ وَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا، وَذَكَرْنَا مِنْ قَرِيبٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَسَادُ بِسَبَبِ الْأَجَلِ فِي الْعَقْدِ شَاعَ الْفَسَادُ فِي الْجَارِيَةِ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ بِخِلَافِهِ عَنْ الِافْتِرَاقِ. هَذَا وَلَقَدْ وَقَعَ الْإِفْرَاطُ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ طَوْقُهَا أَلْفُ مِثْقَالِ فِضَّةٍ فَإِنَّهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ بِالْمِصْرِيِّ وَوَضْعُ هَذَا الْمِقْدَارِ فِي الْعُنُقِ بَعِيدٌ عَنْ الْعَادَةِ بَلْ نَوْعُ تَعْذِيبٍ، وَعُرِفَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ كَوْنَ قِيمَتِهَا مَعَ مِقْدَارِ الطَّوْقِ مُتَسَاوِيَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا بِيعَ نَقْدٌ مَعَ غَيْرِهِ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ الثَّمَنَ عَلَى النَّقْدِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ، وَمِثْلُ هَذَا فِيمَا إذَا بَاعَ سَيْفًا مُحَلَّى بِمِائَةٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَدَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ هَذِهِ الِاعْتِبَارَاتُ، وَلَوْ لَمْ يَتَقَابَضَا فِي الصُّورَتَيْنِ حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ فِي حِصَّةِ الطَّوْقِ وَالْحِلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِيهَا وَيَصِحُّ فِي الْجَارِيَةِ.
وَأَمَّا السَّيْفُ فَإِنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَمْ تَتَخَلَّصْ مِنْهُ إلَّا بِضَرَرٍ فِيهِ فَسَدَ فِي السَّيْفِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِضَرَرٍ فِيهِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ فِي جِذْعٍ مِنْ سَقْفٍ، فَإِنْ كَانَ