وَلَكِنَّا نَقُولُ: الثَّمَنُ فِي بَابِ الصَّرْفِ مَبِيعٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ سِوَى الثَّمَنَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعًا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَبَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ مَبِيعًا أَنْ يَكُونَ مُتَعَيَّنًا كَمَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ.

. قَالَ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً)

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَتَعَيَّنُ، فَإِضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى بَدَلِ الصَّرْفِ كَعَدَمِ إضَافَتِهِ فَيَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ بِدَرَاهِمَ لَمْ يَصِفْهَا، وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبِيَاعَاتِ، فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ بَيْعُ الثَّوْبِ كَقَوْلِنَا: قُلْنَا قَبْضُ بَدَلِ الصَّرْفِ وَاجِبٌ وَالِاسْتِبْدَالُ يُفَوِّتُهُ فَكَانَ شَرْطُ إيفَاءِ ثَمَنِ الثَّوْبِ مِنْ بَدَلِ الصَّرْفِ شَرْطًا فَاسِدًا فَيَمْتَنِعُ الْجَوَازُ لِإِسْقَاطِ الثَّمَنِ بِهِ، كَذَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَا يَخْفَى كَثْرَةُ مَا ذَكَرُوا فِي عَدَمِ تَعَيُّنِ النَّقْدِ فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى دَرَاهِمَ وَعَيَّنَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا وَيَدْفَعَ غَيْرَهَا.

وَحَاصِلُ شِرَاءِ الثَّوْبِ بِبَدَلِ الصَّرْفِ لَيْسَ إلَّا تَعْيِينَ ثَمَنِ الدَّرَاهِمِ، فَلَوْ كَانَ شَرْطًا فَاسِدًا يَمْنَعُ الْجَوَازَ بَطَلَ مَا ذَكَرُوا فِي عَدَمِ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ فِي الْبَيْعِ وَكَانَ كُلَّمَا تَعَيَّنَتْ الدَّرَاهِمُ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ، لَا جَرَمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا أَجَابَ بِأَنَّ الثَّمَنَ فِي بَابِ الصَّرْفِ مَبِيعٌ لِاسْتِدْعَاءِ الْبَيْعِ مَبِيعًا وَلَا مَبِيعَ فِيهِ سِوَى الثَّمَنِ فَكَانَ كُلُّ ثَمَنٍ مِنْهُمَا مَبِيعًا وَثَمَنًا وَجَعَلَهُ بَدَلَ الثَّوْبِ وَثَمَنُهُ بَيْعٌ لَهُ وَبَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ: يَعْنِي وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ بَائِعِ الثَّوْبِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ زُفَرَ إنَّمَا قَالَ: يَجُوزُ بَيْعُ الثَّوْبِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَيُّنِ بَدَلِ الصَّرْفِ ثَمَنًا فَجَازَ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا شَكَّ أَنْ يَقُولَ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِذَا قَالَ بِصِحَّةِ بَيْعِ هَذَا الثَّوْبِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ نَقْدِ بَدَلِ الصَّرْفِ فِي ثَمَنِهِ كَانَ بِالضَّرُورَةِ قَائِلًا بِأَنَّ الْبَيْعَ انْعَقَدَ مُوجِبًا دَفْعَ مِثْلِهِ، وَيَكُونُ تَسْمِيَةُ بَدَلِ الصَّرْفِ تَقْدِيرًا لِثَمَنِ الثَّوْبِ سَوَاءٌ سَمَّيْته مَبِيعًا أَوْ ثَمَنًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا لَزِمَ تَسْلِيمُهُ بِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ هُنَا هَكَذَا، فَإِنْ كَانَ هَذَا وَاقِعًا لَمْ يَنْتَهِضْ مَا دَفَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ صِحَّةُ بَيْعِ الثَّوْبِ وَإِعْطَاءُ ثَمَنٍ يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكُ بَائِعِ الثَّوْبِ بَدَلَ الصَّرْفِ لَزِمَ بِالضَّرُورَةِ إعْطَاءُ غَيْرِهِ، وَهَكَذَا نَقَلَ الْقُدُورِيُّ عَنْهُ: أَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ جَائِزٌ وَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مِثْلَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، قَالَ: وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زُفَرَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ، فَإِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ يَقَعُ الْبَيْعُ بِمِثْلِ بَدَلِ الصَّرْفِ، وَعَلَى هَذَا فَبُطْلَانُ بَيْعِ الثَّوْبِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ جَوَابُ الْمَذْهَبِ مُشْكِلٌ. وَتَنْظِيرُ النِّهَايَةِ بِغَاصِبِ الدَّرَاهِمِ إذَا اشْتَرَى وَأَشَارَ إلَيْهَا وَدَفَعَ مِنْهَا حَيْثُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُطَابِقٍ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ بَيْعِ الثَّوْبِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا بِأَنْ يَدْفَعَ مِثْلَ بَدَلِ الصَّرْفِ لَا نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً) وَكَذَا سَائِرُ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ، بِخِلَافِ جِنْسِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015