وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. .

قَالَ (وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْبِيَاعَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ» وَلِأَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ مُحْتَاجُونَ كَالْمُسْلِمِينَ. قَالَ (إلَّا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ خَاصَّةً) فَإِنَّ عَقْدَهُمْ عَلَى الْخَمْرِ كَعَقْدِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْعَصِيرِ، وَعَقْدُهُمْ عَلَى الْخِنْزِيرِ كَعَقْدِ الْمُسْلِمِ عَلَى الشَّاةِ؛ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ فِي اعْتِقَادِهِمْ، وَنَحْنُ أُمِرْنَا بِأَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَعْتَقِدُونَ. دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ عُمَرَ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا

قَالَ (وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَقَوْلُهُ (وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ) يَعْنِي فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَيَقُومُ إشْكَالًا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ السِّرْقِينِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ فِي نَحْوِ: حُرِّمَتْ الْخَمْرُ، فَإِنَّا بَيَّنَّا فِي الْأُصُولِ أَنَّ التَّحْرِيمَ الْمُضَافَ إلَى الْأَعْيَانِ تُقَدَّرُ إضَافَتُهُ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْنِ كَالشُّرْبِ مِنْ الْخَمْرِ وَالْأَكْلِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَاللُّبْسِ مِنْ الْحَرِيرِ، فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا» يَعْنِي إذَا حَرَّمَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّيْءِ " حَرَّمَ بَيْعَهُ وَأَكْلَ ثَمَنِهِ " كَالْمَقْصُودِ مِنْ الْخَمْرِ وَالْمَقْصُودِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَهُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي السِّرْقِينِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ، فَإِنْ قَالَ النَّجَاسَةُ سَبَبٌ، قُلْنَا: مَمْنُوعٌ فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ.

أَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَإِنَّمَا يُفِيدُ أَنَّ تَحْرِيمَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّيْءِ مُوجِبٌ لِتَحْرِيمِ بَيْعِهِ

. (قَوْلُهُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْبِيَاعَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ) يَجُوزُ لَهُمْ مِنْهَا مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ مَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمُوجِبِ الْبِيَاعَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ مُحْتَاجُونَ إلَى مُبَاشَرَتِهَا، وَقَدْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَنَا بِالْإِقَامَةِ فِي دَارِنَا وَإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُمْ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَا سَلَمَ فِي حَيَوَانٍ وَلَا نَسِيئَةَ فِي صَرْفٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ هُمْ فِي الْبُيُوعِ كَالْمُسْلِمِينَ (إلَّا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) فَإِنَّا نُجِيزُ بَيْعَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِخُصُوصٍ فِيهِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَمِعْت سُوَيْد بْنَ غَفَلَةَ يَقُولُ: حَضَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَاجْتَمَعَ إلَيْهِ عُمَّالُهُ فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَأْخُذُونَ فِي الْجِزْيَةِ الْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْخَمْرَ، فَقَالَ بِلَالٌ: أَجَلْ إنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا وَلَكِنْ وَلَّوْا أَرْبَابَهَا بَيْعَهَا ثُمَّ خُذُوا الثَّمَنَ مِنْهُمْ، وَلَا نُجِيزُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَيْعَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ» لَمْ يُعْرَفْ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ فَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015