وَفِي عَكْسِهِ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُنْكِرًا.
وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَإِنْ أَنْكَرَ الصِّحَّةَ، وَسَنُقَرِّرُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(وَلَوْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجَلٌ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ بَلْ كَانَ لَهُ أَجَلٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ) لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مُتَعَنِّتٌ فِي إنْكَارِهِ حَقًّا لَهُ وَهُوَ الْأَجَلُ، وَالْفَسَادُ لِعَدَمِ الْأَجَلِ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ لِمَكَانِ الِاجْتِهَادِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْلَا أَنَّهُ يَرْبُو عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ آجِلًا لَمْ تُطَبَّقْ آرَاؤُهُمْ عَلَيْهِ، وَكَلَامُ الْمُتَعَنِّتِ مَرْدُودٌ فَيَبْقَى قَوْلُ الْآخَرِ بِلَا مُعَارِضٍ.
وَأَمَّا التَّوْجِيهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ إلَى آخِرِهِ فَيَخُصُّ أَبُو حَنِيفَةَ تَمْشِيَتَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحِلِّ، وَالْمُرَادُ هُنَا تَوْجِيهُ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ لِلْآخَرِ وَهُمَا لَا يَقُولَانِ إنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ دَائِمًا لِيُعَلِّلَا هُنَا بِظُهُورِهَا فِي مُبَاشَرَةِ الْعَاقِدِ (وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ ادَّعَى رَبُّ السَّلَمِ شَرْطُ الرَّدِيءِ وَأَنْكَرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الشَّرْطَ أَصْلًا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ (وَقَالُوا) أَيْ الْمَشَايِخُ يَجِبُ (أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَإِنْ كَانَ صَاحِبَهُ مُنْكِرًا) وَكَلَامُهُ خُصُومَةٌ (وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَإِنْ أَنْكَرَ الصِّحَّةَ) وَسَيُقَرِّرُ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ
(وَلَوْ قَالَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجَلٌ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ فِيهِ أَجَلٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ أَيْ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا فِي مِقْدَارِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ هُنَا تَعَنُّتٌ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ مَا يَنْفَعُهُ وَمَا هُوَ حَقُّهُ (وَهُوَ الْأَجَلُ) لِأَنَّ الْأَجَلَ لِتَرْفِيهِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَمَّا كَانَ فِي الْعَادَةِ يَرْبُو عَلَى رَأْسِ الْمَالِ كَانَ إنْكَارُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الصِّحَّةَ خُصُومَةٌ فَلَا يَكُونُ مُتَعَنِّتًا، وَهَذَا الْإِيرَادُ هُوَ وَجْهُ الْقِيَاسِ.
فَأَجَابَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَالْفَسَادُ لِعَدَمِ الْأَجَلِ لَيْسَ مُتَيَقِّنًا) حَتَّى