قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ) اسْتِحْسَانًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ بِدُونِ الْمِلْكِ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ، وَلَوْ ثَبَتَ فِي الْآخِرَةِ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَالْمُصَحِّحُ لِلْإِعْتَاقِ الْمِلْكُ الْكَامِلُ لِمَا رَوَيْنَا، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْتِقَ الْغَاصِبُ ثُمَّ يُؤَدِّيَ الضَّمَانَ، وَلَا أَنْ يُعْتِقَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ يُجِيزُ الْبَائِعُ ذَلِكَ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْطِ الْإِجَازَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَجَازَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْبَيْعَ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ) كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، لَكِنَّهُمْ أَثْبَتُوا خِلَافَهُ مَعَ زُفَرَ فِي بُطْلَانِ الْعِتْقِ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي جَرَتْ الْمُحَاوَرَةُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابُ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَا رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا رَوَيْت أَنَّ الْعِتْقَ بَاطِلٌ؛ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: بَلْ رَوَيْت لِي أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ. وَإِثْبَاتُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ بِهَذَا لَا يَجُوزُ لِتَكْذِيبِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ صَرِيحًا. وَأَقَلُّ مَا هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.

قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هَذِهِ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ، وَسَيَجِيءُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالُوا: وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ قِيَاسٌ. وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانٌ. وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا عِتْقَ بِلَا مِلْكٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» (وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ) وَقْتَ الْعِتْقِ (وَلَوْ ثَبَتَ فِي الْآخِرَةِ) أَيْ عِنْدَ الْإِجَازَةِ (ثَبَتَ مُسْتَنِدًا وَهُوَ ثَابِتٌ) وَقْتَ الْعِتْقِ (مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَالْمُصَحِّحُ لِلْإِعْتَاقِ الْمِلْكُ الْكَامِلُ لِمَا رَوَيْنَا) مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ سَلَف تَخْرِيجُهُ.

(وَلِهَذَا) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّ الشَّرْطَ الْمِلْكُ الْكَامِلُ (لَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتِقَهُ الْغَاصِبُ ثُمَّ يُؤَدِّيَ الضَّمَانُ وَلَا الْمُشْتَرِي) يَشْرِطُ (الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ يُجِيزُ لِلْبَائِعِ) الْبَيْعُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015