وَالْفَرْضُ الْمَرْوِيُّ فِي التَّشَهُّدِ هُوَ التَّقْدِيرُ.
قَالَ (وَدَعَا بِمَا شَاءَ مِمَّا يُشْبِهُ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثُمَّ اخْتَرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَطْيَبَهُ وَأَعْجَبَهُ إلَيْكَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَكَرُّرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَجْلِسٍ حَيْثُ يَكْفِي ثَنَاءٌ وَاحِدٌ، قَالَ: وَلَوْ تَرَكَهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ دَيْنًا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَصَحَّحَ فِي بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ الْكَافِي وُجُوبَ الصَّلَاةِ مَرَّةً عِنْدَ التَّكَرُّرِ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَفِي الزَّائِدِ نَدْبٌ، وَكَذَا التَّشْمِيتُ، وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ يُشَمِّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إلَى الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْضُ الْمَرْوِيُّ) يَعْنِي فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ «السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى جَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَقُولُوا هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، لَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» وَسَاقَ تَشَهُّدَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلَيْسَ لَفْظُ الْفَرْضِ إلَّا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ، بَلْ أَلْفَاظُهُ فِيهَا «كُنَّا إذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا السَّلَامُ إلَخْ» وَكُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُنَّا إذَا جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَهَذِهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى لِلنَّسَائِيِّ ثُمَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُؤَوَّلَ لَفْظُ الْفَرْضِ، فَثُبُوتُ كَوْنِهِ فَرْضًا اصْطِلَاحِيًّا مُتَعَذِّرٌ لِثُبُوتِهِ بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضُ: أَعْنِي خَبَرَ الْوَاحِدِ فَيَكُونُ وَاجِبًا.
(قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِي رِوَايَةِ السِّتَّةِ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ» وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُطَابَقَةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الدُّعَاءِ بِمَا يُشْبِهُ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ وَالْمَأْثُورِ دُونَ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ، وَلَوْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» لَكَانَ أَصْوَبَ، فَيَكُونُ مُعَارِضًا لِعُمُومِ أَعْجَبَهُ وَدَعَا